شجرة الموقع
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الإدراك وفلسفةُ العلم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الإدراك وفلسفةُ العلم. إظهار كافة الرسائل

الخميس، يونيو 23، 2022

التطور الحيوي [2] : تجارب تأثير Hill’s Effect | فهم الخلق وآليات التكوين والتطور الحيوي : نظام العلل

 كان ذو أهمية خاصة ، أنه من الممكن زراعة الخلايا النباتية والحيوانية خارج الكائن الحي الذي أخذت منه تلك الخلايا ، وكذلك يمكن الإبقاء على بعضها في المزارع الخلوية داخل أواني زجاجية مختبرية لسنوات.

اكتشف عالم الأحياء الخلوية ميروسلاف هيل اكتشافًا مفاجئًا للغاية عندما كان مديرًا للبحوث في المركز الوطني للبحث العلمي في فيلجويف بفرنسا في الثمانينيات : يتضح من تجاربه المخبرية أن الخلايا المنتزعة والمعزولة التي تتعرض لتغييرات جينية وتنتمي إلى كائن حي ما أو نوع أو سلالة ما ، تؤثر رنينياً دون وسيط مادي على الخلايا الأخرى المماثلة والتي تتواجد في هذا الكائن الفرد نفسه ، وينتقل التأثير عن بعد ، سواء ضمن نفس مجموعة خلايا الكائن وكذلك من كائن إلى آخر ضمن نفس العائلة أو النوع ، وحتى ولو كانت الخلايا التي حدثت فيها التغييرات التكوينية هي خلايا معزولة فيزيائياً بشكل تام عن مجالات التآثر مع بقية الخلايا في المجموعة الأصلية.

المنهج البحثي الإجرائي :

كان هيل وزملاؤه يعملون ضمن مزارع الخلايا المشتقة من الهامستر. كانوا يحاولون العثور على خلايا متحولة مقاومة للثيوغوانين ، وهو مادة سامة.

كان الإجراء القياسي هو تعريض الخلايا للتسميم الكيميائي ، ومعرفة ما إذا كان أي منها قد نجا بالتصادف مع حدوث لطفرات عشوائية نادرة تمكن تلك الخلايا من مقاومة السم. لا شيء.

في تلك المرحلة ، كانت الإجراءات الاعتيادية في تلك التجارب تبنى على عملية تعريض الخلايا للمواد الكيميائية المسببة للطفرات ، من أجل زيادة عدد الطفرات العشوائية وقياس ما حدث للخلايا من استجابات تكيفية ، ثم المحاولة مرة أخرى.

الافتراض التقليدي في علم الوراثة هو أن الطفرات تحدث بشكل عشوائي. أي أنها لا تحدث كمحاولة غائية للتكيف مع البيئة. وبدلاً من ذلك ، قررت مجموعة هيل اتباع حيلة تجارية تختص بتقنيي المختبرات ، وغير مذكورة في كتيبات المعامل الرسمية، فبدلاً من اختبار أعداد كبيرة من الخلايا في تزامن واحد بعدة مزارع ومستعمرات خلوية للعثور على طفرات نادرة حدثت لمقاومة الهجوم الكيميائي ، اختبر الفنيون أجيالًا متتالية من نفس مجموعة الخلايا وفي نفس المزرعة الخلوية ولكن بتتابع زمني حيث يختبر في كل مرحلة زمنية جيل واحد من الخلايا فقط ، وقد حدث ذلك على فترات منتظمة.

قاموا بتربية الخلايا بشكل روتيني ، وتم أخذ الخلايا سريعة النمو ووضعت كميات منها في وسط إنماء مجدد. هذه العملية تسمى بالتمرير ، حيث في الوقت الخاص باختتام كل تمرير ، يتم أيضًا وضع بعض الخلايا سريعة النمو فوق الخلايا المحتضرة في قوارير تحتوي على السم ، وهذا التفريق لمجموعة الخلايا السريعة النمو إلى مجموعتين يهدف أولاً إلى الإبقاء على تكاثر الخلايا في مجموعة محفوظة ، وثانياً إلى تكرار التجربة على نفس تلك الخلايا بالأخذ منها مراراً وتكراراً ووضعها في القوارير الخاصة بالتجربة ، وعاجلاً أم آجلاً ، ستبدأ الخلايا المقاومة للسمية في الظهور.

التجربة :

قرر هيل وزملاؤه البحث عن مقاومة الثيوجوانين باستخدام طريقة 'المقايسة التسلسلية' ، والتي تختلف عن إجراء الفنيين في استخدام قوارير جديدة من الوسط السام في كل جيل.

نمت "خلايا الهامستر" في وسط استنبات طبيعي ، وبينما كانت لا تزال تنمو تم تقسيمها إلى عينتين. أحد العينتين وضعت في وسط إنماء جديد حتى تتمكن من النمو والبقاء ؛ بينما تم وضع الأخرى في دورق آخر يحتوي على الوسط السام. وهكذا في كل جيل ، يتم اختبار بعض الخلايا لمقاومة الثيوجوانين ، بينما استمرت الخلايا الأخرى في النمو بشكل طبيعي (الشكل 1).


الكرات البيضاء تمثل العينة الأم ( مجموعة الخلايا الأصلية ) حيث يتم أخذ جزء من هذه المجموعة نحو قارورة التسميم الكيميائي ، وبعد أن تتوفى العينة التجريبية بالسم ، يتم أخذ عينة أخرى من المجموعة الأصلية التي لا تزال تنمو وتحافظ على بقاءها في مزرعة خالية من التأثيرات الخطرة ، استمر الأمر هكذا لعدة أجيال.

بشكل ابتدائي وفي الجيل الأول ، فشلت الخلايا التي وضعوها في وسيط اختبار ثيوغوانين في النمو. ولكن بعد عدة تمريرات لعدة أجيال ، تمكنت بعض الخلايا من البقاء والتكاثر في الوسط السام ( أي أنها طورت قدرة التكيف مع السموم ). في الجيل الذي تلى ذلك الحدث والذي كان معزولاً عن الخلايا التي نجت لأول مرة ، حيث تم أخذه من المجموعة الأصلية ، نجت كميات متزايدة من الخلايا من السم. لقد كان نسل هذه الخلايا قادرًا أيضًا على النمو في وسط الاختبار السام ؛ رغم أنهم لم يولدوا من الخلايا السابقة بشكل مباشرة ، إلا أن علاقتهم بها جعلتهم بشكل ما ، يرثون صفة هذه المقاومة دون اتصال مادي بين المجموعتين.

أجرى هيل وزملاؤه تجربة أخرى لمعرفة ما إذا كان بالإمكان تكرار نفس العملية باستخدام سم مختلف ، وهو الإثيونين ، الذي لم يسبق استخدامه في دراسات السمية مع خلايا الهامستر. في أول 30 جيلاً ، على مدى 15 أسبوعًا ، فشلت الخلايا المعرضة للإثيونين في البقاء والانقسام.

 

تميزت الأجيال اللاحقة بظهور مفاجئ للخلايا التي نمت وانقسمت رغم وجود السُم. كانت هذه المقاومة للسمية أكثر تواتراً من جيل إلى جيل. وهكذا تكونت مقاومة الإثيونين في المجتمعات الخلوية التي تنمو دون أي عشوائية تؤدي إلى الانتقاء للخلايا الأصلح ، فقد انتشرت الصفة في جميع الخلايا. ثم نشأت استجابة مضادة لإجهاد الإثيونين السام في مجتمعات خلوية متوازية ومنفصلة جسدياً وفيزيائياً ولكنها تنتمي لنفس النوع والخريطة الجينية. أدى اكتساب الخلايا المقاومة للإثيونين إلى ظهور تلك المقاومة وراثياً في الخلايا الحفيدة.

ثم قام فريق هيل بالتحقيق فيما إذا كانت نفس الأساليب ستمكن خلايا الهامستر من التكيف مع درجات الحرارة المرتفعة. كالعادة ، نمت الخلايا عند 37.0 درجة مئوية ، وفي كل جيل ، تم سحب عينة ومعايرتها للنمو عند 40.60 درجة مئوية.

ماتت الخلايا في العينة الأولى في غضون 3 أيام ، وفي الثانية نجت من أزمة عميقة وأسفرت عن 11 مستعمرة ، وفي الثالثة تم تأسيسها بعد أزمة وكانت بالكاد ملحوظة الوجود. ثم في النهاية ، نمت هذه الخلايا بشكل مستمر كخط خلوي عند 40.60 درجة مئوية.

في المرحلة الثانية من التجربة ، استمر خط الخلية هذا في النمو عند 40.60 درجة مئوية وتم سحب العينات في كل جيل مطوي وتقييمها عند 41.30 درجة مئوية. لم تنجو أي خلية عند درجة الحرارة المرتفعة هذه لـ 31 مقطعًا من المجتمعات الخلوية. ثم فجأة ، بدأت الخلايا المتسامحة مع الحرارة العالية في الظهور بأعداد صغيرة ، ثم بشكل متكرر وأخيراً بأعداد كبيرة. يمكن بعد ذلك أن تنمو هذه السلالة الجديدة إلى أجل غير مسمى عند 41.30 درجة مئوية. في تجارب أخرى ، نجح فريق Hill في إنشاء سلالة يمكن أن تنمو عند درجة حرارة أعلى ، 42.00 درجة مئوية ، لكنها لم تكن قادرة على الارتفاع.

كان استنتاج هيل أن 'الخلايا من المرجح أن تنجو من هجوم بيئي إذا كان أقربائها المورفولوجيين قد تعرضوا بالفعل لمثل هذا الهجوم'. وجادل بأن هذا قد أظهر أن 'هناك تدفقًا إضافيًا للمعلومات ، لا يتوسطه الحمض النووي ، والتي يمكن الإشارة إليها على أنها معلومات تكيفية'.

كيف تم نقل هذه المعلومات التكيفية إلى الخلايا المقربين؟ أشار هيل إلى أن هذا حدث لأن بعض الخلايا التي تعرضت للهجوم وبعض الخلايا في المزرعة الطبيعية كانوا أخوات ، وتم فصلهن في آخر جيل فقط ، مما يعني تشابههم الجيني والمورفولوجي على نحو شبه تام.

ولأنهم كانوا منحدرين من نفس الخلية الأم ، فقد كانوا 'متشابكين' بمصطلحات فيزياء الكم. وفقًا لنظرية الكم ، تظل الأنظمة التي كانت جزءًا من نفس النظام في الماضي مرتبطة معلوماتية ومتآثرة معاً ، حتى عندما تكون متباعدة بأميال ومنفصلة فيزيائياً أو حتى زمنياً ، بحيث يكون التغيير في أحدهما مصحوبًا على الفور بتغيير في الآخر ، وهي ظاهرة وصفها ألبرت أينشتاين بأنها "عمل رهيب عن بعد''. هناك أدلة تجريبية جيدة على أن التشابك (المعروف أيضًا باسم اللامحلية الكمية ، أو عدم القابلية للفصل الكمي) يحدث بالفعل.

وقد اقترح هيل أن الخلايا الشقيقة ليست مجرد مناظرة للأنظمة الكمومية المتشابكة ، ولكنها في الواقع موحدة معها.

لقد اقترح هيل أن بعض الخلايا التي تكافح من أجل البقاء تكيفت بطريقة تمكنها من مقاومة السم ، وخضعت الخلايا الشقيقة المتشابكة لتكيف مماثل على الرغم من أنها لم تتعرض للسم. وحين تم نقل بعض أحفاد هذه الخلايا الشقيقة غير المكشوفة في الجيل التالي إلى ظروف الفحص ، وعندما تعرضوا للهجوم الكيميائي كانوا بالفعل مقاومين له. وهكذا ، فإن نسبة الخلايا المقاومة ، المارة تلو الأخرى ، تزداد في الخلايا التي تنمو في ظل ظروف طبيعية.



كما ترى في البيان التوضيحي ، كل جيل يؤخذ كعينة للتجريب يولد صفات جديدة وتنتقل هذه الصفات إلى الجيل المناظر له والمنفصل عنه ، الذي لم يتعرض لعوامل الضغط البيئي مُطلقاً ، والأجيال الأخيرة ستختزن معلومات توجيهية تاريخية من كافة الأجيال التي سبقتها والمنتمية لنفس النموذج المورفوجيني.

في نظرية الرنين المورفوجيني ، إذا تكيفت بعض الخلايا المستنبتة مع تحدٍ بيئي جديد ، فيجب أن تكون الخلايا المماثلة المنتمية لنفس المجموعة والمعزولة عنها قد تأثرت برنين الحقل وتكيفت هي الأخرى معها.

توفر فرضية الرنين الموفوجيني تفسيرًا بديلاً للتطور والتغيير الجيني على الفرد وكذلك النوع. قد تخضع بعض الخلايا التي تتعرض للهجوم لتغييرات تكيفية ، كما يقترح هيل. ثم تتناغم الخلايا التي تتعرض للهجوم حاليًا مع التكيف عن طريق الرنين المورفوجيني الآتي من الخلايا السابقة التي تعرضت للهجوم وتم تدميرها لكن معلوماتها بقيت مختزنة في ذاكرة النوع.

يتضمن اقتراح هيل نقل المعلومات التكيفية عبر الفضاء ، من الخلايا الشقيقة المعرضة للهجوم إلى الخلايا الشقيقة في التجمعات الطبيعية. ويتضمن الرنين المورفوجيني نقل المعلومات التكيفية عبر خط الزمن ، من الخلايا السابقة التي تعرضت للهجوم إلى الخلايا الحالية المعرضة للهجوم الجديد ، كما هو موضح بالخطوط المنقطة في الشكل السابق

بالنسبة للإنسان والكائنات الحية الكبرى ، وبالنظر لسلوكهم المعقد ورغباتهم المتراكبة وتفردهم الغريب ، فإن التأثر بالحقول المورفوجينية يكون تجربة فريدة إلى حد بعيد وتختلف من كائن لآخر ، الإنسان بالذات ، يمكنه التأثير على تلك الحقول مباشرة بقوة الوعي الحيوية وبقوة العقل التوجيهية ، وبسبب تفكيره الموزع الاهتمامات والخاضع للرغبات فإنه لا يفكر فقط بالبقاء البايولوجي عادة كما هو الحال مع الخلايا الصغيرة ذات السلوكيات المحدودة، ولذلك ليس من السهل تأثر البشر برنين مورفوجيني جماعي سغسر ضفات النوع بأسره ، وكلما كان السلوك الغائي محدوداً كانت الحقول المورفوجينية أكثر فعالية في النقل والتأثير، ولذلك تتطور الباكتيريا والفايروسات بطرق سريعة جداً وانتشارية ، حتى أنها قلما تخضع لعوامل العزل والانتقاء الطبيعي.

تقدم هذه التفسيرات تنبؤات مختلفة يمكن اختبارها بالتجربة. على سبيل المثال ، يمكن أيضاً استخدام خلايا الفئران بدلاً من خلايا الهامستر لتجنب أي رنين مورفوجيني من تم توريثه من الأجيال السابقة من تجارب هيل.

يتم اشتقاق سطرين خلويين من خلايا السلائف المشتركة ، يعبر كل منهما عن مجتمعات خلوية جديدة ، نسميهما A و B.

يتم نقل A ببساطة إلى وسيط عادي جديد جيلاً بعد جيل ، مع عدم تعرض العينات للهجوم.

وتتم إضافة مجتمعات B الفرعية باتباع إجراءات مقايسة Hill التسلسلية ، حيث تتعرض بعض الخلايا للهجوم في كل مرحلة (انظر الشكل 3 أدناه).

لنفترض أن الخلايا المقاومة في السطر B تنشأ عند العبور الجيلي 5 ، فإن فرضية التشابك تتنبأ بأن التكيف يجب أن يزداد في الخلايا الطبيعية في السطر B ولكن لا يحدث شيء في خلايا السطر أ.

بدءًا من الجيل 5 ، يتم الآن استنبات جيل السطر A فرعيًا في كل عبور جيلي يتبع إجراء Hill الذي تم استخدامه ، ومنذ الجيل 5 أيضاً ستتعرض المجتمعات الفرعية الجديدة التي تم أخذها من أ لنفس الهجوم مثل تلك الموجودة في السطر B (الشكل 3).

تقترح فرضية التشابك أنه سيكون هناك حوالي 5 أجيال قبل أن تبدأ الخلايا المعرضة للهجوم في تطوير المقاومة ، كما كان من قبل الأمر مع ب لأنه لا وجود لارتباط بينهما على المستوى الفيزيائي.

لكن فرضية الرنين المورفوجينيي تقترح أن المقاومة يجب أن تبدأ في الظهور خلال مقطع واحد أو مقطعين ، بسبب الرنين المجرد والمتحرر من عالم المحل الذي ينتقل من الخلايا في السطر ب إلى السطر أ.

وكذلك من الممكن إجراء تجارب مماثلة على البكتيريا والخمائر ...


1 Hill (2000), Adaptive state of mammalian cells and its nonseparability suggestive of a quantum system. Scripta Medica 73, 211-222.

المصدر :

The Hill Effect as a Test for Morphic Resonance

__________________

ملحق : كيف يحدث التطور بالضبط ؟

الانتخاب الطبيعي يقوم بتصفية الأنواع الموجودة مسبقاً ولا يعطي أنواعاً جديدة ، لأنه لا يؤثر على شريط الDNA من حيث التكوين ، وإنما يتحكم بتواجد الكائنات التي تحمله ( أفراد الأنواع ) ضمن مجال بيئي معين ، وبحسب صلاح وتوافق تكوينها مع عناصر البيئة الأخرى ومع القوانين الطبيعية، تأخذ احتمالية وجودها وبقاءها ضمن هذه البيئة.

ولكن التطور نفسه ، إما أن يحدث كمحاولة للتكيف مع البيئة واستجابة تكيفية لل"الضغط البيئي" الممارس على الخلية ، وإما أن يحدث دون دالة إرشاد للقوة المؤثرة على الجينات والمسهمة في تكوينها وترتيبها من جديد ، وبلا غاية مسبقة ، ستغدو الجينات مجرد تراتب بفعل قوى عشوائية وعمياء ( صانع الساعات الأعمى ).

فصناعة الساعات حتى ولو كانت عمياء ، دون تحقيقها للنموذج الإرشادي للطاقة الموجهة للصناعة ، فلن تتم صناعة ساعة ، ولكن من أين جاء نموذج الساعة أصلاً ؟ كيف سمح الوجود للجينات أن يكون لها مجال بأن تتكون على هذا النحو ؟ هذا النموذج الإرشادي سواء تم تحقيقه أم لا ، يبقى موجوداً وشاهداً على افتراق الوجود بين نظام ولا نظام ، وعلى أن النماذج الأولية للاشياء تشكل نظاماً حين تحققها مادياً ، وبغض اللنظر عن تاريخ التفاعلات التي سببت هذا التحقق ، سواءً كانت احتمالية عشوائية أو موجهة غائية ... وسواء بتدخل كائنات فضائية أو من خلية أولى وجدت سبيلها للتكاثر على الأرض.

وهذا يعني أن التحايل على النظام بكون العامل التاريخي أعمى أو عشوائي ، لن يلغي كون النظام موجوداً في الصف العميق للكون الحقيقي.

هذه رؤية الداروينية الحديثة، وترى أيضاً أن التغير (داخل ) الشريط الوراثي يحدث دون توجيه لهدف ما ( مثل التكيف مع البيئة ) وبالتالي لا يمكن التنبؤ بالاحتمال الذي سيظهر جراء هذا التغير ، فقد يكون احتمالٌ واحد متناغم وبقية الاحتمالات لا قيمة لها أو تشكل خطراً على الكائن الحي أو خرقاً للتوازن البيئي. إلا أنه من الممكن التنبؤ بمدى بقاء النوع الجديد الحامل للجينات في بيئة معينة ، لأن الانتخاب يقع على الشواغر ( الخارجية - المتفاعلة مع البيئة ) التي تحمل هذا الاحتمال الوراثي مثل تلك الكائنات ، وبناء على هذا الاحتمال يتم تصفية الاحتمالات الأقل تكيفاً مع البيئة والإبقاء على الاحتمالات الأعلى تكيفاً والأكثر إفادة ، ولكنه ( قانون الانتخاب الطبيعي ) لا يجعلها تحمل احتمالاً بعينه أو تجسده أصلاً بل هو مرحلة بعدية.

كيف يحدث التطور إذاً في رؤية الداروينية الحديثة ؟ يحدث بتفاعل العامل الداخلي ( تغير المورثات العشوائي ) مع العامل الخارجي ( البيئة وعناصرها ) ويخضع هذا التفاعل ( بعد انوجاده ) إلى قوانين الانتخاب الطبيعي.

فيجب أولاً أن يوجد الأرنب الأبيض ، والبكتيريا الجديدة حتى تتم تصفية الأنواع والحفاظ على الأصلح ضمن بيئته ، ونشأة النوع بعوامل التطفر وعبر آلاف أو ملايين الأجيال تسمح باحتواء طفرات جديدة بشكل تراكمي ، ظهرت عشوائياً ثم يصفيها الانتخاب الطبيعي مرة أخرى وأخرى وأخرى حتى يبقى التعديل الصالح للوجود فقط من ضمن آلاف التعديلات التي جرت على النوع.

ولكن الحقيقة التي تخبر بها البحوث التجريبية الحديثة أن التطور يحدث كنوع من "التكيف مع البيئة" وكاستجابة تكيفية لل"الضغط البيئي" الممارس على الخلية أو الكائن الحي ، وهذا هو بالبضط ما افترضه داروين ، على سبيل المثال ، خلال ثلاثين سنة تقريباً من التجارب على البكتيريا لم تكتسب تلك الكائنات أي صفات جينية مفيدة باقية في النوع ، وكل ما حدث هو تغير نقطي ( حوالي مئة نقطة ) في جينات الخلايا البكتيري يصنف بين المفيد والمحايد.

E. coli long-term evolution experiment

أما البكتيريا فلم يحدث لها تعديل جيني أصلاً ، لأن التعديل في واقع الأمر وعلى عكس ما تفرضه الداروينية الحديثة ، لا يحدث بشكل احتمالي وعشوائي ، ولقد تنبأ دارون بذلك وهكذا افترض قوة سيكوية أرواحية Psychic تحدث التطور ، فإذا وضعت الجَمل في بيئة باردة فسينمو له وبر بعد عدة أجيال ، ذلك أمر حتمي ، وليس احتمالاً وصدفة ، لأن خوارزم الوراثة مجهزة للتكيف مع البيئة ضمن نطاق محدد.

ولذلك تجد بعض الأنواع من الدجاج التي لم يتم تدجينها لازالت تطير حتى وقت قريب ، بينما تعطل جين الطيران لدى الدجاج المهجن.

والكلب إذا علمته فن الصيد ، فسيحمل أبناؤه استعداداً أعلى لتعلم الصيد ، حتى قبل أن يعرفوه ، حتى بعد بضعة أجيال يتحول الكلب العادي إلى كلب صياد دون تعلمه ويصبح نسله نسل كلاب صيادين ، وكذلك التآلف بين الإنسان والحيوان ، وهذا ما قد سجله دارون بنفسه في كتابه أصل الأنواع في مبحث الغريزة والانفعال.

ولذلك لم تحتج البكتيريا إلى التطور في تلك التجارب ، رغم مرور ملايين الأفراد والأجيال ، وذلك ليس لأنها لم تمر بالوقت الكافي لا ، وإنما لأنها لم تحتج لتعلم شيء جديد وحفظه في المخزون الوراثي ، بعبارة أخرى فإن إدراك الكائن الحي عامل نشط وأساسي للتطور. التطور ليس حدثاً مادياً عشوائياً بل تفاعلٌ بين الإدراك والزمن..

______________

خلاصة النتائج :

1. التطور هو صفة مكتسبة تحت الضغط التكيفي الذي يدفع قوة الحياة للتكيف مع البيئة المحيطة ، ولا يحدث بشكل عشوائي.

2. الصفة المكتسبة والتي تترسخ بقوة بسبب ضرورتها الملحة عبر عدة أجيال ، يتم توريثها مما يجعل الكائن الحي ذاتي التعديل والتكيف ، ويجعل النوع ذاتي التطور.

3. الصفة المكتسبة والتي تغير التكوين الجيني للكائن الحي ، يتم حفظها في ذاكرة النوع بأسره ، وذلك بغض النظر عن الاتصال الفيزيائي والبيولوجي المحلي بين أفراد النوع.

أي أن الموضوع لا يتعلق ب"كائن بعينه" يحدث تغيير خاص عليه ثم يؤدي ذلك التغيير إلى ولادة نوع جديد من نسل ذلك الفرد بالذات دون بقية أفراد جنسه ونوعه، وإنما يتعلق بشيء يشبه البرنامج الحاسوبي ، يتحكم بالتكوين الجسدي لكافة أفراد النوع ، وهو ما يمكن تسميته ب"النموذج الإرشادي للطاقة – ديفد بوهم" أو "الحقل المورفوجيني – روبيرت شلدريك" ، وقديماً كان يسمى بـ"العلّة الماهية للتكوين" مقابل العلة الطاقية الفاعلة ، فهذه العلة هي قالب بناء النموذج الخاص بالكائن الحي وفقاً لنوعه ، فبينما تكون الجينات والأنظمة الخلوية هي الأسباب الظاهرة والقريبة التي تؤدي لبناء الجسد، فإنها تتحرك ضمن مجال معين للتفاعلات والحركة ، يتعلق هذا المجال بمدى توافق الخصائص الفيزيائية للخلايا مع الخصائص الفيزيائية للتشكل الجسدي القادم من تلك الخلايا. وهذا التوافق تحدده الطبيعة الماهوية للفيزياء.

إن السبب المحلي للحدث لا يعدو كونه مجرد "ملء شاغر فضائي" بطاقة تتحول إلى مادة ما أو تؤثر على مادة ما، ولكن هذا الشاغر أو النموذج هو ذو طبيعة تجريدية خالصة ، مثل نموذج البرتقالة ، فبما أن البرتقالة كائن مادي وفيزيائية ، فإن عملية تخليقها ضمن الفضاء الفيزيائي ممكنة بشكل كامل ، فكل ما عليك فعله هو توجيه الطاقات الفيزيائية ضمن فضاء معين بتراكب متناسب مع تراكب البرتقالة بالضبط ، وبذبذبة متناظرة مع ذبذبة البرتقالة الأصلية في كل جزءٍ من أجزاء النسخة الجديدة ، وستحصل في النهاية على برتقالة طبق الأصل تماماً ... إن رسم البرتقالة أو نحتها أو تصنيع نماذج تمثيلية لها ما كان ليتم إلا بتوافق جزءٍ من ذبذبة وقيم النموذج الأصل والعلاقات التركيبية بينها مع نظائر تلك القيم والذبذبات في النموذج الاستنساخي ، ولأن العملية كانت جزئية واعتمدت فقط على عوامل معينة ، فالنسخة الفرعية لا تشابه الأصلية إلا في نواحي قليلة مثل الشكل واللون.

هذه النماذج هي ما يتغير أثناء عملية التطور ، وبعبارة أخرى فسواءً كنت في الأرض أو في كوكب بعيد بأقاصي الكون فلكي تحقق النموذج البشري فلاد أن تكون لك الجينات نفسها التي لدى البشر ، ولكي تتطور إلى نموذج جديد فإنك ستجر معك حدوث تطوير شامل في النموذج البشري كله عبر الفضاء بأسره ، والذي سيتمُّ تخزينه في ذاكرة النوع البشري بأسرها.

هذا الكلام يعني أيضاً ، أن وسيلة نقل المعلومات والتأثيرات التي من شأنها تغيير الوراثة ، هي وسيلة اتصال بين النماذج ولذلك لابد أن تكون متناغمة مع طبيعة النماذج نفسها ، فهي لا تحدث في جيناتك ، وإنما في النموذج الإرشادي للطاقة المسؤولة عن تخليق جيناتك وتوزيعها باستمرار ، وهذا النموذج مجرد عن المادة وغير موجود في زمكان موضعي ، أي أنه غير محلي ولا يمكن القول عنه إنه "هنا والآن" تماماً كنموذج حقل الجاذبية وحقل الكهرباء ، الذي يتوزع في إرشاده لتلك الطاقات على كافة أنحاء الكون بالتساوي ومنه فقط تأخذ الطاقات علاقاتها ومعاناه وتكوينها النسبي المُركب.

والاتصال مع نموذج إرشادي أو تغييره يستدعي وجود قوة لامحلية تؤثر على تلك النماذج الإرشادية التي تقوم بتوجيه قوى الفيزياء نحو سلوك معين، تم الاصطلاح على هذه القوة باسم "الطاقة الموجية الإرشادية" عندما يتم دراسة تأثيرها على الواقع الكمومي ، واسم "الرنين المورفوجيني" عندما يتم دراسة تأثيرها على التشكلات الفيزيائية ومن ضمنها الأجساد البيولوجية.

أي أن الفرق بين تغيير الشيء بتغيير نموذجه وتغييره بتغيير التجسد المادي لهذا النموذج ، يكافئ الفرق بين معالجة عيوب الصورة واحدة واحدة وبين تمرير الصورة على معالج خاص مبرمج لإزالة كل العيوب ، إن هذا الجهاز يتعامل مع نماذج برمجية عن الصور ، ولا يحتاج إلى أخذ كل تفصيلة بالاهتمام على حدى.

وهذا ما حصل مع خلايا الهامستر ، لقد بدأت هذه الخلايا بالتأثير على خلايا أخرى منفصلة عنها مكانياً ، وأكسبتها قدرات جديدة تم توريثها فيما بعد للأجيال اللاحقة... لاحظ التفاصيل التالية في مبحث التشابك الزمني ونقل المعلومات التجريدي المكتشف فيزيائياً :

التشابك الكمومي الزمني - ناسا بالعربي

الأربعاء، يونيو 22، 2022

التطور الحيوي [1] تأثير الشبح الجيني DNA Phantom Effect | وثيقة : الطاقة الحيوية الغير منظورة وتكوين الجينيوم من جديد

تأثير الشبح الجيني


لوحظت هذه الظاهرة الجديدة - التأثير الوهمي للحمض النووي DNA Phatom Effect  - لأول مرة في موسكو في الأكاديمية الروسية للعلوم كتأثير مفاجئ أثناء التجارب التي تقيس الأنماط الذبذبية للحمض النووي في المحلول باستخدام مطياف اللايزر الضوئي الترابطي LPCS MALVERN  المتطور والمكلف. تم تحليل هذه التأثيرات وتفسيرها من قبل كل من Gariaev و Poponin.

الميزة الجديدة التي تجعل هذا الاكتشاف مختلفًا بشكل واضح عن العديد من المحاولات الأخرى التي تم إجراؤها سابقًا لقياس وتحديد مجالات الطاقة الدقيقة للشريط الجيني ، هي أن مجال شبح الحمض النووي لديه القدرة على الاقتران بالمجالات الكهرومغناطيسية التقليدية لإشعاع الليزر. ونتيجة لذلك يمكن اكتشافه بشكل موثوق به وتحديده بشكل إيجابي باستخدام التقنيات البصرية القياسية.

علاوة على ذلك ، يبدو من المعقول جدًا أن التأثير الشبحي للحمض النووي هو مثال على مظاهر الطاقة الخفية التي لا يشارك فيها المراقِب بشكل مباشر. إن هذه البيانات التجريبية لا توفر لنا بيانات كمية دقيقة لمقدار الاقتران الفيزيائي بين المجال الوهمي للحمض النووي والمجال الكهرومغناطيسي لضوء الليزر فحسب ، بل توفر أيضًا معلومات نوعية وكمية حول الفعاليات المؤثرة غير الخطية لحقول الحمض النووي الوهمية.

لاحظ أن كلا النوعين من البيانات حول تأثير شبح الدي إن إيه مهمان لتطوير نظرية مجال كمومي موحد جديد غير خطي والتي يجب أن تتضمن الفهم الفيزيائي النظري لتأثير الوعي ضمن معادلات واضحة، ويجب أن تستند إلى خلفية كمية دقيقة.

 

هذا مخطط توضيحي لآلية عمل الجهاز وطبيعة التجربة، يتم إرسال اللايزر إلى العينة الموضوعة في مكان معزول عن التأثيرات الغير مرغوب فيها، مما يسبب موجة تداخلية بسبب دخول تأثير الضوء على الذبذبة الصادرة من الحقل الكهرومغناطيسي للخلية أو للجينيوم.

ثم تتفاعل الموجة مع المرايا المقابلة للعينة وتنعكس منها نحو محلل الطيف الضوئي، الذي يقوم بتحويلها إلى قيم رقمية ترمز لخصائص الحقل الموجي الذي حلله ، وترسل بيانات هذه القيم إلى حاسوب يقوم بتحويلها إلى صيغة أكبر وقابلة للعرض على شاشته وللرصد الحسي، ويقوم أيضاً باحتساب قيمة تأثير الموجة الخاصة بالجينيوم وفقاً للمعادلة التي تزيل تأثير الضوء من مجموع تأثير الحقل الحامل لتداخل الضوء والكهربة الجينية.

يتم إجراء هذه القياسات قبل وضع الحمض النووي في غرفة التشتت لمعرفة التأثير الأصلي للضوء العابر للغرفة من أجل إخراج قيمته من المعادلة فيما بعد. عندما تكون غرفة التشتت في LPCS خالية من الحمض النووي المادي ، ولا توجد أي حقول DNA وهمية ، فإن وظيفة الارتباط التلقائي للضوء المتناثر تبدو مثل تلك الموضحة في هذا المخطط :

 

تمثل خريطة التحكم النموذجية هذه فقط  تأثير الضوضاء العشوائية في الخلفية للعامل الضوئي وحده. لاحظ أن شدة مقدار ضوضاء الخلفية صغيرة جدًا وأن توزيع عدد التأثيرات المرصودة عبر الفضاء قريب من العشوائية. 

يوضح الشكل التالي دالة الترابط التأثيري النموذجية للوقت عندما يتم وضع عينة من الحمض النووي المادي في غرفة التشتت الخاصة بالقياس ، وعادة ما يكون لها شكل دالة متذبذبة بانتظام وتسير نحو التحلل ببطء تدريجيًا بشكل متزايد :


عندما تتم إزالة الحمض النووي من غرفة التشتت ، يتوقع المرء أن تكون وظيفة الارتباط الذاتي هي نفسها التي كانت عليها قبل وضع الحمض النووي في غرفة التشتت.

ولكن وبشكل مفاجئ وغير اعتيادي ، اتضح أن دالة الارتباط التأثيري المقاسة في الغرفة بعد إخلائها من عينة الحمض النووي تبدو مختلفة تمامًا عن تلك التي تم الحصول عليها في نفس تلك الغرفة وهي خالية ولكن قبل وضع الحمض النووي فيها :

 



بعد تكرار هذا عدة مرات والتحقق من المعدات بكل طريقة يمكن تصورها ، اضطر الباحثون لقبول الافتراض القائل بأن بعض الهياكل الطاقية ذات التأثير الموضعي التي اكتشفت من جديد إنما يتم تحفيزها من الفراغ المادي الخالي من أي حقول، ما يسمى بنقطة "الصفر الفيزيائي".

أطلقوا على هذا الحقل اللافيزيائي اسم "شبح الحمض النووي" للتأكيد على أن أصل تأثيره مرتبط بالحمض النووي المادي. لم يلاحظوا بعد هذا التأثير مع المواد الأخرى التي يتم تجريبها في الغرفة.

وبعد اكتشاف هذا التأثير ، بدأت دراسة أكثر صرامة واستمرارية لهذه الظاهرة. لقد كشف عن أنه طالما لا يتم إزعاج المساحة الموجودة في حجرة التشتت ، فالباحثون قادرون على قياس هذا التأثير لفترات طويلة من الزمن. في العديد من الحالات ، لاحظوا أن ذلك التأثير يبقى لمدة تصل إلى شهر. من المهم التأكيد على أن شرطين ضروريان لمراقبة أشباح الحمض النووي. الأول هو وجود جزيء الحمض النووي في وقت ما في الغرفة والثاني هو تعرض ذلك الحمض النووي لأشعة الليزر الضعيفة المتماسكة. ثبت أن هذه الحالة الأخيرة تعمل بترددين مختلفين من إشعاع الليزر.

ربما يكون أهم اكتشاف لهذه التجارب هو أنها توفر فرصة لدراسة البنية التحتية للعدم الفيزيائي على أسس علمية وكمية بحتة. وإن هذا البحث العلمي التجريبي ممكن رغم أن شبح الجينات ليس كائناً مادياً محلياً، وذلك بسبب القدرة الجوهرية للمجال الشبحي على الاقتران بالمجالات الكهرومغناطيسية التقليدية، مما يسمح بفهم تأثيره عليها وفق منهج علمي تجريبي وموضوعي. يمكن تقدير قيمة ثابت الاقتران بين المجال الوهمي للحمض النووي والمجال الكهرومغناطيسي لإشعاع الليزر من حساب شدة الضوء المبعثر.

سمحت لنا المجموعة الأولية من التجارب التي أجريت في موسكو وستانفورد باكتشاف التأثير الوهمي بشكل موثوق.

ومع ذلك ، فإنه من الضروري أن تجرى المزيد من قياسات تشتت الضوء من الحقول الوهمية للحمض النووي لتحديد أكثر دقة لقيمة ثابت اقتران المجال الوهمي EMF-DNA.

المصدر :

https://www.fceia.unr.edu.ar/geii/maestria/Intercatedra/SENSUM/The%20DNA%20Phantom%20Effect.htm

_________________

نتائج البحث :


1. يوجد طاقة غير فيزيائية ولا سبب محلي لها ، تدخل على بعض الأنظمة الفيزيائية فتزيد من مقدارها الطاقي وتفاعلاتها مع الأنظمة الأخرى.

2. تولد هذه الطاقة في العالم المحلي الفيزيائي من قيمة معدومة فيزيائياً لها ، ويمكنها التواجد في نظام مغلق لم تتصل به فيزيائياً ، ولذلك لديها القدرة على التواجد حتى ضمن الفراغ. ولديها القدرة على العمل بمنطق يتجاوز الزمن المحلي.

3. ترتبط هذه الطاقة بالأنظمة الحيوية بالذات ، أي أن هناك دالة ترشدها للوصول إلى هذه الأنظمة بالذات ، وترتبط بالجينات أكثر من غيرها ، مما يعني أن عملية تكوين الجنات والخلايا تتأثر بها تأثّراً مباشراً ، استكمالاً لبقية البحوث التي قدمناها حول الطاقة المجردة والعلة الغائية ، يمكن أن نصرح بأن هذه الطاقة موجهة بقوة الوعي الحيوي وبدوال العقل المجرد نحو بناء الأنسجة الزمكانية والبيولوجية.

4. تبقى بعض تأثيرات وحقول هذه الطاقة متواجدة في مكان ما لقترة طويلة نسبياً، حتى بعد زوال النظام الحيوي الذي يرتبط بها ، من ذلك المكان الذي بقيت فيه، لأن دالتها الإرشادية تأمرها لسبب ما بالبقاء في ذات النظام المكاني، وبقاءؤها هذا هو ما يسمح بقياس تأثيرها قياساً رياضياً وتجريبياً دقيقاً.

5. ليس هنالك من أدل من مثل هذه التجارب على وجود الآفاق الخافية التي تسهم الإسهام الفعلي بتكوين الواقع الذي يحيا به البشر والكائنات البيولوجية والفيزيائية، إن نقوص المنهج العلمي الذي كان سائداً من قبل وقصوره عن تفسير مثل هذه "الوقائع التجريبية" لا ينبغي التعامي عنه وإهمال هذه الوقائع ، ولا ينبغي تحويل الإجابة الساذجة "سيفسرها العلم الوضعي فيما بعد" إلى آلهة فراغات جديدة تأخذ المعرفة نحو منعطفات أخطر بكثير مما فعلت الكنسية من قبل، هذه الوقائع لا يمكن تفسيرها على أي نحو من خلال العلم الوضعي وحده ، كما بينا سابقاً فإنه يبحث بالإجراء وبالمحليات ولا يبحث بأمور تقع في علة الإجراء والسلوك الوظيفي ، أو تقع خارج نطاق المحليات ، وهذا هو السبب الحقيقي في تخبط العلوم الوضعية المادية حينما يتم الحديث عن ميكانيك الكم والنسبية، تماماً كما هو الحال مع مثل هذه الظاهرة الموضوعية.


الثلاثاء، مايو 10، 2022

[ العلم والمنهج ] | كيف تُبنى شجرة العلوم

 ما هو العلم ...

ذلك الجواب العظيم، يتوقف على مقصدك ... أتريد أن تعلم ما هو العلم حقاً، كحالة وجدانية لها اسم يرمز لها، أم كظاهرة اجتماعية لها منظومة من الأسماء التي ترمز للعلاقات


نوعان من التفاعل بين الذات والوجود :

ليست الطريقة الصحيحة بالنسبة لي أن أثبت لك كلامي بدراسة علمية موثقة، أو بتجربة ما، أو بإثبات من أي نوع أن العلم الذي أحدثك عنه الآن هو علمٌ كالذي يدرسونه ويخترعون عبره الاختراعات والأدوية والتقنيات النفسية ... لأن دعوتي ليست مجرد تعديل على نموذج المعرفة المسمى بالعلوم، القائم اليوم أو محاولة لخلق نموذج جديد أكثر كفاءة للتعامل مع هذا الواقع، لأنني وفي قرارة نفسي، لا أرى أملاً من البحث عن طريقة للتكيف فيها مع هذا الواقع، ولا أرى جدوى أصلاً من شيء في هذا الواقع.

حاول التركيز وأوقد شرارة انتباهك، وانظر حولك لترى هل هنالك أي شيء يستحق أن تبقى لأجله على هذه الأرض، وضمن هذا العالَم المادي بشكله الحالي ؟ لماذا أنت مستمر بالتفاعل الزمني مع واقع لا تريده ولا ترغب بالبقاء فيه إلى الأبد ؟

حاول النظر إلى المال والزينة والمشتهيات التي تعوم في فوضى واقعك الكوني، وأخبرني ... هل هي جميلة كفاية لتقضي كل حياتك معها ؟ وأن لا تبحث عن طريقة للخروج من واقعك الذي يحدد نطاق حياتك الزمني ؟ البعض يقول أن العمر قصير، وهذا ما يجعلك الواقع تفكر به باستمرار ، عمرك القصير وقدراتك المحدودة تمنعانك من الخروج من سجنك الحالي ... البعض يقول أن هنالك إمكانية أن تستخدم هذا الواقع كأرض تبني عليها آلتك الزمنية، فتصبح نوعاً من الإنسان الآلة، الذي يتمكن من البقاء في الكون الفيزيائي لأجل غير مسمى، باستخدام قوانين الفيزياء التي يعتقدون بها... وحتى ولو بقيت في هذا الكون لأجل غير مسمى، وعُمّرت آلاف السنين، هل هو بمزحزحك من عذاب الزمن شيئاً ... ستمل في النهاية من تكرار الأحداث التي لا تنتهي بواقع زمني محدود النطاق، فمهما تعددت الكواكب والنجوم والكائنات الحية والنفوس، فكلها تنتمي لنفس التصنيف ، هذا الزمن الذي أمامك، الغائب عن وجدانك، الحاضر إلى حواسك، الحاضر إلى إدراكك كصور حسية متحركة وتفاعلية، لا تملك دليلاً عليها ولا على وجودها من دون الإحساس الوجداني الصادق ...

إنك لا تستطيع إثبات شيء ولو استغرقت ما استغرقت، من كتب الفلاسفة والباحثين الأكاديميين، حتى أبسط الأشياء، شكل يدك التي تكتب بها، وشكل غرفتك التي تقطنها، وشكل الزمن الذي تمر به، تستطيع إثباته فقط إذا أثبتت الواقع الذي ينتمي له، واقعك المحسوس، الذي تنتمي له الجامعات والمعاهد أيضاً، وفي غياب هذا الواقع، وأن يكون محاكاة حاسوبية أو سحرية مثلاً، جعلتك تنسى الواقع الحقيقي وأدخلتك في هذا العالم بمفاهيمه ومصطلحاته وأشكاله وماهياته، فإن كل ما يبنى عليه بعد ذلك، سينهار ، ولن يحدث له يقين أبداً.

فإذا أردت الحقيقة المطلقة فعلاً، وليس مجرد اللهو في الزمن... فلا تحكُم أي حكم على الأشياء والكائنات التي تصادفها بزمنك، حتى ولو صادقتها، فهي في النهاية غائبة عنك، ربما يكون هذا صادماً، وربما مفزعاً ومزعجاً، ولكنها الحقيقة التي لا مجال للشك فيها، أنك لا تستطيع إثبات وجود أستاذك في الجامعة أكثر مما تستطيع أليس إثبات وجود الأرنب الذي تراه في الحلم اثناء محاولتها وهي نائمة.

نعم تستطيع أن تثبت كروية الأرض أو تسطحها، أو نظرية التطور أو التعديل الجيني، أو كل ما قيل في فيزياء الكم عن طريق التجريب المستمر، ولكن هل تسمي هذا برهاناً ... أليس أيضاً رأت الأرنب بعينيها كما رأيت صور الأرض بعينيك، وسمعت صوته كسماعك لصوت المحاضرين في الجامعة، بل وكان من الممكن أن تستمر في ذلك ... كان من الممكن أن تستمر في التجريب والاشتقاق الرياضي لأجل غير مسمى في ذلك العالم، وتستنتج قوانين وعلوماً لانهائية، وفي لحظة واحدة .... تستيقظ لترى شمس الحقيقة... ويتبدد كل ذلك الوهم العظيم.

كل إثبات يعتمد على فرضية مسبقة، يزول بزوال تلك الفرضية من أشعة الإدراك والوعي، والواقع الفيزيائي أمامك هو أيضاً ، فرضية مسبقة ... تماماً كما كان واقع إليس فرضية مسبقة.

العلم قبل كل شيء هو تفاعُل بين الذات المُدركة والإدراك من جهة وبين موضوع الإدراك من الجهة الثانية ، هذا الأصل في كل ما تعلمه وبغض النظر عن ما تعلمه ، فالعلم هو حالة شعورية وجدانية تنتقل فيها الموضوعات إلى إدراك الذات فتصبح معلومات ، ستقول لي من الذي قرر هذا التعريف ومن أي جامعة ، أرد عليك : ومن الذي خول الجامعة أصلاً لكي تقرر ما هو العلم ؟ ما العلاقة بينك وبين الجامعة ؟ ما العلاقة بينك وبين العالم الخارجي ؟ هل تدرك العالم بعينك ووعيك أم بعين ووعي الجامعات ومراكز البحث العلمي ؟ …

إنك وقبل كل شيء أيها الإنسان ، وجدانٌ حي يتفاعل مع الوجود ، ربما تأسرك مواقع معينة من الزمن الذي تشهده ، كالجامعة أو الجامع ، ولن يؤثر ذلك على الحقيقة أبداً ، حقيقة أن العلم يسبق المعلومات و ( بغض النظر عن مصدرها واعتمادها ). أتريد تعريفاً اسمياً للعلم ؟ أنه كذا وكذا بشرط كذا وكذا ؟ أم تريد اختباراً مباشراً لـحالة العلم ، ومن خلال تلك الحالة وذاك الاختبار ترى ما الصحيحُ بين التعريفات …

العِلم الذي ينفع ، لا يجعلك تغرق طوال حياتك بدراسة كتب ونظريات … ليس لها وجود حقيقي تختبره علمياً ، بوجدانك وبشعورك المُباشر.

العلم والمنهج : كيف تبنى شجرة العلوم​

كما تعلم ، يقوم العلم بالأصل على ثلاثة مبادئ رئيسية هي الوجود المُدرَك الذي تعلمه ، والذات التي تدرك ذلك الوجود ( وهي ذاتك ) والتفاعل الذي ينشأ بينهما. من خلال هذا المفهوم الصادق عن العلم ، يمكنك تصنيف شجرة العلوم ، لأن الذات تغدو هي العالِم ، والوجود هو موضوع العلم وتشعباته ومسلماته البحثية وسائر الحقائق والافتراضات الأولية التي يقوم عليها ، وسائر الحقائق والافتراضات الثانوية التي تدركها عبر الأوليات العلمية.

ولنأخذ مثالاً تطبيقياً : البايولوجيا :

يقوم هذا العلم على مجموعة من الحقائق الأولية في الواقع البيئي ولها تسميات محددة ( الجسم الطبيعي - الكائن الحي - الممالك الخمسة - البيئة والمحيط …. ) ويدرس موضوعاً محدداً بدقة وهو "الحالة التفاعلية بين الجسم الحامل للحياة وبين المحيط الفيزيائي الذي يحتويه".

ويستخدم بذلك ثلاثة مناهج رئيسية : 

التجريب المعملي لقياس التفاعلات الجزئية الصغيرة بين أصغر الوحدات الجسدية ( الخلية - الجين … ) وبين العوامل الفيزيائية والكيميائية التي تؤثر بها.

والملاحظة المباشرة : كالتشريح ، ودراسة العوامل البيئية والتوزيع الحيوي للأنواع ، والأحفوريات وسائر تلك الأمور.

والتجريب المختبري الذي يقيس الفيزيولوجيا الكُبرى للكائن الحي ، تفاعل أعضاءه مع العوامل المختلفة ، ويربطها ببنيته التشريحية.

لكن الأسئلة التي لا تتخصص بها البايولوجيا من مثل : هو مِن أين جاءَ مثل هذا التعريف ، كيف عرف الإنسان ما هو الجسم الطبيعي ، ما هو المحيط الحيوي ، ما هي البيولوجيا … كيف عرف الإنسان ما هي الجينات والبروتينات ، كيف عرف كيفية الوصول إليها ؟ كيف يعلم الإنسان طريقة تصنيف المعلومات الحسية التي تأتيه عبر العالم الخارجي عن طريق الحواس ، يحولها إلى نموذج تصوري له أقسام وأسماء وعلاقات ، وله مناهج خاصة في البحث ، وفي الإثبات ؟ ... هي أسئلة تتعلق بمنهج العلم وليس بفحواه ، وهي التي ترسم قوام العلم وتعطيه قيمه ومقاديره الصحيحة.

ذلك السؤال ، لا يدرسه أي طالب من طلبة العلوم الطبيعية التجريبية اليوم ، بل لا يسأله ولا يلتفت له لأنه يتم إشغاله باستمرار بقضايا العلم الجزئية قليلة النفع ، مثل ماذا يحدث للجزيء البيولوجي x عند تعريضه لدرجة الحرارة والضغط الفلانية ، وكيف يرتبط الجزيئ الآخر بعملية هضم تلك السلسلة الأمينية بالذات وما ينتج عنها ما فضلات وأين تذهب تلك الفضلات النانوية. هذا واقع يعانيه العلم اليوم ، النظرة التجريبية تحولت بالكامل إلى تعميم على الجزئيات ، وهذه الجزئيات تتكاثر باستمرار وتحجب عينك عن أمور أخرى أهم وأعم وأشمل.

لا يختلف الأمر بالفيزياء مثلاً ، لأنها هي الأخرى صارت قائمة على التجزيء المتطرف والاختزال العصوب للواقع الفيزيائي ، وما تراه من جماليات في النظريات الفيزيائية العلمية ، لا يعود إلى هذا الزمن الذي أنت فيه ، بل إلى زمن آخر ولّى وانتهى ، زمنٌ ليس فيه تعصب … زمنٌ استلم فيه فاراداي بتجاربه التخيلية زمام الأمور في الجمعية الملكية ، وهو لم يتجاوز الصف الأول الابتدائي من مرحلة التعليم ، اعتماداً على إنجازاته المذهلة في تأسيس علم الحقول وعلم الأمواج وعلم الكهرومغناطيسية ، وفي كشوفاته الكيميائية والفيزيائية ، التي اعتمدت على التصور والتجارب التخيلية ، المُقاسة كيفياً ، ولم تتقيد بالتجريب الكمي الجزئي ، الذي منع معاصريه من فهم قوانين الكرهرومغناطيسية لأنهم لم يقدروا على إعمال التصور والخيال واكتفوا بالتجريب المُباشر، فلقد كان يبحث عن المفاهيم الطبيعية الكلية.

ذلك الزمن، الذي بُنيت فيه فيزياء النسبية لآينشتاين على الرؤية التأملية ، قبل الاختبار التجريبي المحلي ، وحققت ما لم تحققه أي نظرية أخرى ، وهو نفس الزمن الذي قدم فيه ماكس بلانك للعالم نموذج ميكانيك الكم الصحيح الخالي من العبث ، بأبهى صوره ، وهو العالم في الرياضيات ، الذي لم يسبق له أن قام بأي تجربة أو تعامل مع أي نتائج تجريبية على أنها مصدر الحقيقة المطلقة.

لم يبقى اليوم إلا فتاتٌ من كل ذلك ، أكثر ما يعلمه للإنسان هو التشذق ببعض الكلمات والمصطلحات باللغة الانجليزية ، لا أخشى قولها ولن أجامل أحداً على حساب الحق ، وهذا في مصلحتك بالضرورة ، وليس في مصلحتي بالضرورة.

ذلك السؤال حول تعيين المنهج العلمي ، والموضوع العلمي ، وقبل كل شيء العلم … ليس من تخصص العلوم الطبيعية.

العلوم الطبيعية سائرها مرحلة متقدمة كثيراً على تلك المقدمات والأسئلة الحرجة ، ودون تأسيس يقيني لن تصل لوصف حقيقي للوجود المُدرَك ، سيغدو العلم الطبيعي مجرد محاولة ل"تسهيل الحياة" تحت شعار ( الواقعية ) حقاً ؟ أي واقعية هذه التي تشغل الإنسان بما هو كائن حي مُدرِك، تشغله عن إدراكه الكلي ، وتحيله لموضوع شديد الصغر والتجزيء ، بحجة أن عليه عيش الواقع ، ذلك الواقع الأعمى ، الذي سلب من الإنسان إنسانيته ، سلب منه جمال الحياة وبهجتها ، سلب العفوية وضحكة البراءة ، وأيقظ آلة الحرب في نفسه ، وآلة الحرب في جسده ، وفي إعلامه وواقعه وعلاقاته … أي واقعية هذه التي تسعى لخدمة نطاق محدود للإنسان ، لتبقي عليه حبيساً فيه ، لا يستطيع حتى النظر من النافذة نحو صفاء السماء ، إلا والتفكير يستهلك إدراكه ، بذلك الواقع الجحيمي الذي يحاولون أن يرونه إياه على أنه جنة الخُلد والنعيم الأبدي … مباركٌ عليكم واقعيتكم ، ومباركٌ على المؤمنين إيمانهم الوجداني الحي ، الكاشف للحقيقة المُطلقة الخالية من ضباب الترجيح والظنون التي تسمى بالعلوم.

التصنيف الإدراكي للعلم في شجرته الوجودية يكون عبر ثلاثة معايير

من حيثُ موضوع العلم

1. إما أن يكون كشفاً للحقيقة المُطلقة ، ويسمى حينها العرفان ، الذي يدرس أصل العلاقة بين الذات وبين الوجود ، وبناءً عليه تتفرع العلوم بأسرها ، والحديث في الغرب يسمى بالفينومينولوجيا الترنسيندينتالية. بالتحديد التي أسسها هوسرل ، وهدفت لإعادة تأسيس العلم على أساسٍ متين ، ونجح في ذلك بخصوص بعض العلوم وتوفي قبل أن يكمل مسيرته.

2. أو يكون كشفاً للواقعة التي تربط بين الحقائق الشهودية المُدركة ، وبين ما دونها من عوالم ، فيبحث في الواقع المعقول والزمن العقلي التجريدي ، الذي يحسه الإنسان بحواس العقل لا بحواس الجسد ، وهذا الكشفُ يسمى بالفلسفة ، علم الفلسفة هو دراسة الواقع المُجرد عن قيود الحواس ، فإذا كانت الفلسفة قائمة على الأسس الإدراكية فتسمى بالعلم الفلسفي ، وإلا فإنها سفسطة أو مزيج كلاهما. والفلسفة بوصفها صلة الوصل بين الوجود وبين الذات ، هي الوحيدة التي يحق لها أن تعرّف العلوم الفرعية ومواضيعها ومناهج البحثِ فيها ، ولا يكون لهذه العلوم أن تتحدد هكذا عبثاً من تلقاء نفسها أو لمجموعة من الناس اتفقوا على ذلك ، لأنها في تلك الحالة لا تكون علوماً وإنما تجمعات منظمة لمعارف عشوائية اسمية.

3. أو يكون العلم كشفاً للواقعة التي تتصلُ بها الذات إدراكياً بوساطة جسدها أو عقلها، وهذا النوع الأخير يتفرع عنه ثلاثة علوم هي الطبيعيات والرياضيات والتجريديات ، ويخطئ الكثيرون بالدمج بين مفهوم الفلسفة بما هي علمُ الوجود المُدرَك ، وبين مفهوم الفلسفة بما هي علم الوجود المُجرّد ، إن مبحث الأحكام العامة للوجود ، والمنطق الصوري والرياضي ، وسائر الأشياء الأخرى التي تسمى بالفلسفة والتي يدرسها طلاب كليات الفلسفة وتاريخها ، ليست هي الفلسفة بالمعنى الحقيقي ، بل هي مرحلة لاحقة عليها تتعاملُ مع الطبيعة التجريدية والفيزياء التجريدية. وليس مع التجريد بحد ذاته.

بينما تكون العلوم الطبيعية هي الدرجة النهائية لكل ذلك ، معتمدة في قوامها بالكامل على سائر تلك العلوم ، وإلا فتفقد هويتها ، وتفقد معناها ، وتصبح مجرد لغو اسمي مكتوب بالكتب يرتبط بتصورات اسمية عن الواقع. وتكون إنجازاتها التطبيقية محض استغلال لتوافقات الواقع الحقيقي مع بعض ركائز البنيان النظري لتلك الأسماء، تلك الركائز التي ورثها العلم الحديث عن العلوم القديمة واستخدمها بالشكل الصحيح.

من حيث معيار واقعية العلم :

1. تكون العلوم إما اعتبارية\وضعية\اسمية ( ليس لها وجود واقعي كعلمك بكذبة ما ، أو علمك بخرافة أو بشيء من هذا القبيل ، وكعلم السياسة والاقتصاد والاجتماع بمجمله ، فالسياسة والقانون ليس لها وجود واضح واقعياً ، ولكنها موجودة بشكل لابد منه لتنظيم شؤون الناس وأحوالهم - وليست غاية بذاتها -).

2. أو تكون حقيقية بُرهانية ، وهي ما قام عليها البرهان ، التجريب يصلح كشرط من شروط البرهان ولكنه ليس الشرط الوحيد الكافي لتحقق البرهان الصادق الصحيح ، لابد أن يكون البرهان قاطعاً ولا يوجد تجربة قاطعة لوحدها أو مع التكرار، على امتداد التاريخ ، إلا إذا تم الأخذُ ببُعدها التجريدي وتجاوزت واقعتها المحلية التي تحصر تعميمها بنطاق احتمالي وتاريخي محدد. وهنا يبدأ التزييف العلمي ، لأن العلوم الطبيعية اليوم تقوم على الاعتبار أكثر من الفلسفة الدقيقة ، فلا توفر نتائج برهانية ، بل استخلاصات وترجيحات ((( واقعية ))).

3. أو يكون العلم حقيقة فينومينولوجية كشفية ، تراها بعين إدراكك الشعاعية ، تختبرها كما تختبر طعم الهواء ورائحة القهوة ، وليست كلمات رنانة ومعادلات منظومة في صفحات ورقية لا تستطيع النفاذ إلى جوهرها.

عبر منهج دراسة العلم :

لا يمكنك أن تدرس العلوم الطبيعية المنفصلة عن إدراكك الحي المباشر ، بنفس الطريقة التي تدرس من خلالها الحقائق المُطلقة ، أو بنفس طريقة دراستك للتاريخ والآثار ، لا يمكنك أن تخضع كل ما تعلمه أو ما يمكن أن تعلمه لمبدأ التجريب والموضوعية وما يسمى بالمنهج العلمي التجريبي ( وهو جزءٌ من المنهج التجريبي العلمي الأصيل ، لأنه استبعد كثيراً من الأنماط التجريبية التي لا تتعلق بالواقع المحلي ). ما يحاولون أن يجبروك على الإقتناع به بكل هزل وسخرية ، أن الواقع المادي الذي أمامك ، المحدود ، بل تأويلهم المظنون لهذا الواقع المادي المحدود ، وأسماؤهم التي سموها له ، هي كل شيء يمكن ويحتمل وجوده ، هذا أمر سخيف … أقلُّ حتى من نقاشه … إنه مجرد دعوى متعصبة لمجموعة من الأشخاص الذين لا يرغبون بالحياة ولا الحرية لكم ولا لهم ، هؤلاء الأشخاص ( النظام العالمي الجديد ) سيجعلونكم تندمون على خطاكم السريعة هذه ، نحو الهاوية الكُبرى ، التي تجركم إليها شيئاً فشيئاً … بينما النور الساطع أمامكم ، ها هي علوم الطب الكوني أخذت بالانتشار وتحقق نتائج لا يمكن لأي مجمع بحوث طبية أن يحققها ، وعلى يد من ؟ على يد أفراد ونشطاء لم يجدوا من يمولهم أو يتبنى رؤيتهم ، ( وكثيرٌ منهم أطباء سابقون ) … هل سمعت بالاختراعات المقموعة ، والطاقة المجانية ، والكهرباء اللاسلكية ، وطاقة الأوروغون ؟ هل سمعت بأبحاث وليام رايخ مثلاً ؟ هل سمعتَ بعلوم الميسميريزم والAnimal Magnetism وتطبيقاتها التي لا تنتهي في المجالات الطبية والتكنولوجية ؟ هل سمعتَ بعلم الآثار المحضور ؟ بالطبع لم تسمع بكل ذلك ,, المستقبل الواعد للبشرية جمعاء ، هو في تكوين العلم من جديد ، وفي تحقيق الرؤيا الشمولية للواقع الكلاني ، وجعل غاية العلم النهائية بحثاً عن قيمة الحياة وعبور الزمن ، تسموا فوق كل الغايات ، لترقى بالبشر من هذا الجحيم ... تاج العلم هو القيم والأخلاق ، فالأخلاق هي أصل الوجود ولأجلها خُلق الوجود ، وليس لتعيش هذا الواقع الضئيل وتبحث فيه عن المزيد والمزيد من المعرفة التي لا تحقق قيمة الذات ولا ترضي وجدان الوعي العظيم ، ذلك المستقبل الحقيقي الذي يصل الإنسان بين الأرض والسماوات ، ذلك هو الشرف العظيم ، والعلم الحقيقي ، حين يتحدُ الجمال والحكمة ….​ 

تعقيب وخلاصة للموضوع :

1. نقد المنهج العلمي لا يعني الاستغناء عن إنجازاته وميادينه ، وإنما توسيعها بتوسيع دوائر البحوث العلمية وتطبيقاتها ، لتشمل ما هو أكثر من مجرد النظريات الاحتمالية الجزئية عن الواقع المحلي.

2. انحصار العلوم الطبيعية في هذا العصر ، وبمنهجها الوضعي ، في ميدان التجريب الموضوعي بالنسبة للمراقبين المحليين ، يعني أنها لا تستطيع البحث فيما وراء هذا الواقع ( الذي تنطبق عليه الشروط : الانعكاس على الحواس - ثبوت الظاهرة في الرصد بالنسبة للمراقبين المنتمين لنفس الواقع - وأن يكون هذا الواقع هو المادة في المكان ولا شيء غير ذلك ) يشمل هذا العجز : البحث في جوهر الظاهرة المرصودة وفي علة حدوثها ( والعلة هي السبب الحقيقي للظاهرة بينما الآلية تصف الاقترانات الزمنية للأحداث الأخرى معها ) وتفسير الأحداث الزمنية بشكل عام ، وتفسير الحالات الاستبطانية بشكل خاص ، الإجابة على أسئلة تتعلق بالوعي ، ونشأة الحياة ، وعلاج الأمراض اللاعضوية ، وإطلاق الحكم على العلوم التي تتجاوز هذا الواقع ، وأصل الكون ، وتعدد العالمين ، وحول الله ، وحول الذات ، وحول الدين ، وحول التاريخ ، ذلك كله ليس من مجالات البحث العلمي الوضعي ، ولا يستطيع العلم الوضعي أصلاً توفير الأدوات المناسبة لهكذا بحوث.

3. ينبغي الالتفات جيداً إلى الفرق بين "الإجرائيات" وبين "التعليل" ، اختراع الآلات يقوم على نموذج الفيزياء الإجرائية ، الجراحة علم إجرائي ، الإحصاء علم إجرائي ، والعلوم الإجرائية يمكن التحقق من صدقها بالتجريب الموضوعي المادي حينما ينتمي الواقع الذي تحدث فيه الإجراءات إلى العالم المحلي ، ما ليس ينتمي لهذه العلوم :

_ميكانيكا الكم بدأً من هايزنبروغ ( افتراضات ميتافيزيقية عن الجوهر الفيزيائي ، لا هي تنتمي لعالم الآثار الفيزيائية للعلل فيقوم عليها البرهان التجريبي المحلي ، ولا هي تنتمي لعالم العلل التي تخلق الواقع فيقوم عليها البرهان التجريبي الهندسي أو البراهين الميتافيزيقية الأخرى ).

_نظريات الفيزياء النظرية التي تحاول صرف النظر عن العلل بالقول أن الواقع الفيزيائي عدمي الجوهر واحتمالي التوصيف ، فحتى مع وجود الأوتار الفائقة وكافة عناصر نظرية كل شيء ، فإنها لا تتعرض لا إلى العلل الحقيقية للأحداث ، ولا إلى الكنوه الحقيقية للموجودات الظاهرة في الرصد ، وإنما تصف سلوكاً محلياً لكائنات محلية تشكل أجزاء أصغر من الكائنات المركبة منها ، وكذلك  إذن الدعوة إلى علمٍ جديد يكسر حواجز الزمن الذي تكون فيه ، ليس هو الدعوة إلى التخلي عن العلوم القديمة ، وإنما وضع كل شيء في مكانه الصحيح ، وفي ميزانه القويم.

_علوم الجينيوم ومشروع الجينيوم البشري الذي يرجع السلوك الواعي إلى إجراءات جينية ، فالجينيوم ، كتفاعلات محلية مجهولة الأسباب ، ومنفصلة عن الواقع المُطلق عن القيود المحلية والذي إليه يرجع الوعي ( وعيك حاضرٌ ذاتياً إليك ) فإن الجينات لا تعطي تفسيراً للوعي ولا للسلوك ، بل نوعاً من المُحاكاة الحدثية لقوى الوعي ضمن هذا الواقع المحلي (آثار قوى الوعي الممارسة على هذا العالم والمرصودة كجينات وأجسام محلية )... بل لا يمكن تفسير الوعي بناءً على هذا المعنى ولا بناءً على نظريات التضارب الفراغي الكمي في خلايا الدماغ ( لأن الأحداث والإجراءات المحلية المقترنة بحدث معين من نفس مستواه ، لا توفر تحقيقاً علمياً في علته ولا في كُنهه وإنما تصف سلوكه الخارجي البعيد عن الذات الواعية ).

_نظرية التطور التي ترجع التاريخ الحيوي للكائنات إلى افتراضات لا أساس متين عليها ، وسائر نظريات ما بعد الإنسانية وقوالبها. الإجراء المحلي يصف سلوك كائن محلي ، ولا يصف سبب وعلة هذا السلوك .

معادلات الكهرباء التي تستخدم في اختراع الأجهزة تصف سلوك الكهرباء ، لا تصف ما هي الكهرباء ، ولا ما هي علة الكهرباء ، والحديث عن الكهرباء كجسيمات أو موجات لا بأس به ، وكذلك هو الحديث عن الأوتار الفائقة والتناظرات المتعددة الأبعاد ، ولكن ... إنكار العلل هو المشكلة الحقيقية للعلوم ، وإنكار الذاتية والاستبطان ، والتنكر لوجود الحقيقة خارج الظاهر وفي باطن الموضوع ، هذه هي ما ينبغي إزالتها ، أما العلوم الإجرائية ، حتى ولو اقتصرت إجرائيتها على الواقع المحلي فستبقى مفيدة للمعيشة المؤقتة للإنسان، ولكن لا ينبغي أن تكون إنجازاتها ( التي هي مجرد خدمات على الطريق وليست غايات للباحث أو للمتستخدم ) حاجبة لنور الحق وشعاع الحياة ، لا ينبغي أن تغتر بها وتصرف انتباهك اليقظ عن وجود واقع أعلى وأعلى ، وعن محاولة الوصول إليه ، والتخلص من قيود عالمك الزمنية ، والبحث دائماً عن وسائل أجدى حتى وإن خالفت التوجهات السائدة للآباء المؤسسين لنموذجك الحضاري.

4. يخرج مجال البحث في منهج العلم بصورة كلية عن فلسفة العلوم المعتمدة اليوم ( تقييم المنهجية نفسها وفي إثبات المسلمات العلمية الأساسية ، ليس من قدرات هذه الفلسفة المتواضع عليها ).

5. ذلك يضع الإنسان أمام خيارين : إما أن تترك الإنسانية البحث في الأسئلة الكبرى وحقيقة الواقع لعلوم أخرى غير هذه العلوم الطبيعية ذات المنهج الوضعي والشروط المحلية، وحينها سيكون من المرضي في المقابل أن تحافظ هذه العلوم على بقاءها ، فنحن لا نهتم بتغيير العلوم الوضعية ومنهجها ، من كان يريد أن يتبعها فليفعل ذلك، ولكن لا يحق لأي كان أن يطلق عبارات تعسفية عمياء مثل "العلوم الزائفة" "الدجل والشعوذة" أو خرافات المتدينين والخلقيين ونحو ذلك ويقول أنه يحق له باسم العلم ( الذي لا يعلم عن أسسه شيئاً ).. وإما أن توسع دائرة البحث العلمي لهذه العلوم ، من خلال إعادة تقييم منهجيتها بطريقة جديدة، وهذا التقييم بالطبع لا تشترك فيه العلوم الطبيعية نفسها، لأنها تبحث في واقع محدد هو الواقع المحلي الانعكاسي الموضوعي ( سبق شرحه في مقال التحقيق الفينومينولوجي ). لا يمكن أن تبقى العلوم الطبيعية تدعي محاولة البحث عن إجابات للأسئلة الكبرى وبنفس الوقت تستخدم ذات المنهج المحدود الذي يتعامل مع الوقائع المادية والأحداث الزمنية ، ولا يتعامل مع عللها ولا مع كُنه الأشياء وحقيقتها ، ثم يتم تصدير ذلك للعالم على أنه قمة الحضارة ، وعلى أنه الدين الجديد وجنة الخلد على الأرض ، ويتم تكميم الأفواه ويريدون أن نسكت عن ذلك .

ليس مهماً ما سيحدث للتكنولوجيا ولا ما سيحدث للمجالات العلمية الحالية ، ولكن حق التعبير المُقدس ، والحرية العلمية المجيدة ، وحق الإنسان في تقرير المصير واتخاذ القرار رغماً عن السلطات الحاكمة ، ورغماً عن المتلاعبين بالكلمات الذين صنعوا لغات وضعية وقاموا بأسر آفاق البشرية بسياجها ، هذا الحق وهذه الحريات ، تسمو فوق كل اعتبار ، وكل أكاديمية ، وكل إنسان على وجه الأرض ، وإذا انتهت فخيرٌ للمرء أن يزول ذكره من الأرض ، أو أن يزول كل واقع ممكن يقمعها عن البشرية ، مهما كلف الأمر من التضحيات.

سر الرغبة في المعرفة : كيف تقودك رغبتك نحو الهجرة إلى المجهول

 

ما هو العلم … الرغبة

الجواب النهائي يتوقف على المعنى الذي تريد الوصول إليه ، أتريد أن تعرف ما هو العلم بالنسبة لمجموعة من الناس ، سواء كانوا يحترفون مجالاً مهنياً أو لا يحترفون ، أتريد أن تعرف ما هو العلم ، في حقيقته وبعيداً عن تواضع الناس ؟



قبل كل سؤال وجواب ... وقبل دخولك للمراكز المجتمعية التي تُطلِق عليها ألفاظاً محددة. قبل الجامعة، ودخولك للمدرسة ... قبل تلقي حصة العلوم الأولى، وقبل تعلمك للأبجدية والتلفظ بالكلمات بعضلة اللسان، قبل أن تحيا حياتك الحالية ... وتولد في نطاق مجتمعك وضمن ما يسمح به ... كيف كُنت تتعامل مع الحياة ؟ لماذا أدخلتَ كلمة العلم وما تعنيه منها إلى حياتك ؟ أين ومتى بدأ ذلك ؟..

هل اكتشفت معنى العلم ، من الاختبار المُباشر للحياة، كعنصر من عناصرها الرئيسية، كقيمة من قيمها الحيوية ... كأساسٍ لا غنى عنه لحياتك ؟ أم ، أنك ... تعرضت لتدخل خارجي وجهك نحو تكوين أفكار محددة عن واقعك ، وأصبحت تسير في هذا الواقع وعبر تلك الأفكار ؟

ماذا كان يريد الإنسان من حياته قبل أن يدخل عليه المجتمع ويطوقه بنطاق السلطة البعلية، حاجباً عنه التلاقي مع فطرة الحياة ؟ هل كان يريد الشهادة التي يعترف بها مجتمعه ؟ وماذا ستعني هذه الشهادة في مجتمع آخر لا يعترف بها ؟ وماذا ستعني هذه الشهادة في فضاء كوكبي خالي من المجتمعات ...

هل قيمة الإنسان تنحصر بنظرة المجتمع له، وتقييمه لشخصه وذاته، ومن أين يأتي المجتمع بمثل هذه المعايير، ولما على الإنسان أن يعبد معايير مجتمعه ؟ أولا يرغب الإنسان بالخروج من نطاق مجتمعه الضيق الذي يأسره في بلد معين، وعلاقات معينة، وتفاصيل معينة ... أولا يرغب بحيازة التفوق على سلطات المجتمع وتحقيق حريته ضمن مجتمعه ... ألا يرغب بالخلاص ؟.....

إذن، لما عليه أن يطيع سلطة المجتمع العالمي، ما الذي يعيق المرء من تكوين لغته الخاصة، وعلومه الخاصة، ومعاييره الخاصة، وتحقيق الحرية المطلقة ، والعبور من قيود الواقع الذي أمامه ...

لا تقل لي أنك لا ترغب بذلك، ولا تقل أن الأمر مستحيل ... إنك لم تجرب حتى، لقد تلقت الإنسانية تعليمات صارمة منذ صغرها ونعومة أظفارها، أن لا تفكر بالواقع إلا على هذا النحو، وأن تُهمل ما لا يتوافق مع النموذج القائم في العقل الجمعي لتفسير الواقع ، فصار كل ما يخرج عن هذا التفكير دجلاً وسحراً وخرافات وأساطير الأولين.

ولكن هل وافقت نفسك مسبقاً على المعايير التي تستخدمها في تقييم واقعك ؟ متى حدث أن وافقت ؟ عندما بلغت مبلغ العقلاء الحكماء، أم تم تطعيمك تلك المعتقدات منذ نعومة أظفارك وسنواتك الأولى على هذا الدرب الزمني العابر ... سائر البشر مطعمون بهذا النموذج الذي لا يفارق بالهم، البعض يخاف ...

يخاف من مواجهة الحقيقة التي قد تكون رهيبة وفائقة لقدرته على التحمل، فتراه يهرع إلى أقرب المسليات التي أمامه ليشغل بها عن وقته الثمين ... يخاف من نظرة المجتمع ، الذي فرض نفسه عليه ... يخاف من المجهول ، ومن تغيير الواقع أمامه ، يخشى أن تتمزق روابطه بهذا الواقع، كل ما بناه عبر السنين...

فيخسر رباط عنقه، ويخسر وظيفته وشهاداته، ومن يدري ماذا قد يخسر أيضاً، فكل ذلك بالنسبة له يبدو أهم من الحقيقة.. يترك الحقيقة والمطلق، ويترك معه الوجدان الحي، ليبيع نفسه بثمن بخس، كدمية للمجتمع، الذي يشتري رقبته ويربطها بقيد الوظيفة والاعتبارات، دون أن يسمح له بأخذ أي نفس من أنفاس الحرية.

تلك الحرية التي يحصرها المُجتمع بالتمرد على أنظمة الدولة والسياسة، عوضاً عن إنشاء نظام دولي جديد ... والحرية باختيار الهوية الجنسية والرغبة الجنسية وفق تصانيف المجتمع العالمي، عوضاً عن الحرية الحق، تلكم التحرر من ارتهان الجنس ضمن الجتمع... الحرية بالنقد الصحفي والإعلامي، وفق مقاييس المجتمع لهذا النقد، ووفق ما توفره الجريدة والمجلة، وما يوفره المال، عوض الحرية المُطلقة، التي لا تحتاج إلى مسايرة المدراء والحكام والظروف... حريتك، أن تتلقى التعليم الأكاديمي، لا أن تكتشف الحياة وتتلقى التنوير.

من الذي حدد القواعد والخوارزميات والأنظمة البرمجية للعلوم الطبيعية اليوم ... من الذي حدد صلاحياتها ومناهجها، من الذي حدد مجالات إمكاناتها وطرائق التحقيق فيها ... من الذي أحكم لها هذه الألفاظ اللغوية، وسماها بالعلوم ؟

عندما كنت طفلاً ، هل كنت لا تعلَمُ أي شيء... هل كنت جاهلاً ؟ ما معنى أن تعلم وأن لا تعلم ... هل يقتصر الأمر على عملية تخزين وتنظيم البيانات التي يتم رصدها من دائرة المحيط الحسي ؟

إذا كنتَ شجاعاً كفاية لتقول لا لمجتمعك، ولا لمقاييس هذا المجتمع، التي لا برهان عليها ... وأن تقول لا لكل ما يخالف رغبتك الحق، وندا الحق إليك ... نداء الحياة لأجلك ... نداء النور على عينيك، وصوت الزمن الجارح في أذنك ... حينها يمكنك أن تكمل القراءة حقاً ، وإلا فلن تكملها ...

المشاركات الشائعة