ما هي بعض الخرافات في علم النفس؟
- الميول والتفضيلات الجنسية فطرية :
أغلب خرافات الناس خرافات حول الجنس والدافع الجنسي ، وأغلب تلك الخرافات قادِم من "التدينيين" و"التطوريين" ، وياللغرابة ، الاثنان بدآ يصبان في نفس التوجه شيئاً فشيئاً …
وابلٌ من المشاركات المروجة لآراء علم النَفس التطوري بخصوص الدافع الجنسي ، وهو من أكثر النظريات قلة في التغلغُل ضمن التجربة المباشرة للإدراك ، فهو من أكثر النظريات بُعداً عن التجذر في الأصول العلمية والفلسفية.
أحدُ أشهر هذه الآراء ، أن الذكور تجتذبهم مواصفات معينة في أجساد الإناث ، كمحاولة لحفظ النوع بأفضل ما يُمكن ، دون الدخول في التفاصيل المُملة ( التي ستراها على الانترنت في كُل مكان تقريباً ) ، قد غاب عن مروجي هذه الفكرة ، لسبب ما ، محاولة التعمق فيها والإجابة على الأسئلة التالية :
1. ما هو الجهاز الخاص بتوجيه الدافع الجنسي لهذه المواصفات ؟ (يُقال ) أحياناً ، أنه الجينات ، التي تتراكب وتؤثر على طريقة عمل الدماغ … طيب … لماذا تقوم جيناتٌ نشأت بتراكب احتمالي وعشوائي بتبني مثل هذه المعايير النموذجية في خدمة قيمة محددة ؟ لماذا يقوم الدماغ ( المُشبه بالزومبي والروبوت وفقاً للتطور في أغلب الأوساط الرسمية ) بتأطير حركته العشوائية وغريزته المنفتحة على كل الاحتمالات ؟ بكلمة أخرى : لما تَقبل تأثير العقل في عملية الانتخاب الجنسي ، وترفُض مشاركته في المراحل التي تسبقها ، كيف بررت وجود العقل إذن ؟
2. هل ثبُت حقاً أن الدماغ بحُكم تلافيفه وتضاريسه ، وهرموناته ، يوجه السلوك بشكل عام ، والسلوك الجنسي بشكل خاص ؟ لقد ثبُت ذلك في كتب دوكنز والطفرات العلمية الزائفة وبقية الPop-Science
، إلا أن ذلك لم يثبُت لي ، ولكي أُعرفك أكثر بطريقة عمل الدماغ ، فهو شبيه تماماً بالحاسوب ، الأشباك العصبية ، تتقد بفعل الصوديوم والبوتاسيوم (والكلور الموجه من قبلهما) ولا تقوم بأكثر من ذلك ، جميع الخلايا العصبية تعمل بنفس الطريقة تماماً ( اختلافات بسيطة ! ) وفكرة الخرائط الدماغية ، تتعلق بالحواس الخمس والتحكم بالجهاز الحركي ، بحُكم ارتباطات عصبية مباشرة بين تلك الخرائط وبين تلك الأعضاء ، لا أكثر ولا أقل ! أما أنماط الذاكرة والتفكير ، فيمكن لجميع الخلايا الدماغية أن تقوم بهما بنفس القدر من النجاح، وإذا قمتَ الآن بتعريض منطقة من دماغك لضربة كهربائية ، قد تستحث ذكرى معينة عفا عليها الزمان ، ونفس المنطقة ، ستستحث في المرة التالية ذكرى أخرى مختلفة تماماً ولا أيَّ رابط بينهما ، ليس هناك ما يدعو للقول بوجود "تناظر تطابقي" بين الوظائف المعرفية الإدراكية وبين الإجراءات العصبية المحلية ، هذه النظرية تُعرف باسم "الهولوغرام الدماغي" وفي رؤية البروفيسور نورمان دويدج عن اللدونة العصبية ، ستجد أموراً مشابهة وتكملة لما تم ذكره ، ستجد أن الأعمى ( بسبب تخريب منطقة الإبصار في قشرة الدماغ ) يُمكنه أن يستعيد البصر بتدريب المنطقة المجاورة وفقاً لطرقٍ معينة ، وهكذا تم بالفعل علاج حالات كثيرة من ضمنها سيدة لم تستطع يوماً أن تفهم الرياضيات ولا حتى أن تقرأ الساعة ! …
عودة للموضوع الرئيسي ، يشرح علم الرغبة كامل موضوع التفضيلات الجنسية ( بكل أشكالها ) وبطريقة بُرهانية متناغمة مع نفسها ومع الأصول الإدراكية للتجربة الحيوية ، السبب الحقيقي أيها الذكر في ميلك لمواصفات هندسية معينة في الأُنثى ، لا يتعلق بمدى إمكانية حفظ النسل ، حتى ولو كان أحدكما عقيماً لن يختلف الموضوع ، بل يتعلق بأنك ( وأنها ) تريد موضوعاً مناسباً لإشباع رغبتك بالسيادة عليه ، أو بالعبودية نحوه ، ولكي تجد موضوعاً مناسباً ل"تأويلك الخاص لتحقيق رغبتك - الذي تشكل عبر آلاف التجارب التي لا تتعلق بالجنس بشكل مباشر" حينها سيقتنعُ اللاشعور ، أن هذا الموضوع قد حقق الرغبة المطلوبة ، فيكافؤك ببعض المتاع القليل -لو كنتَ تعلم- ، هذا التأويل ، عند أغلب البشر ، يحتاج لموضوع مُشبع بالإمكانات ، وإلا فلا معنى لتحقيق السيادة عليه ( أو العبودية نحوه ) فأنت لا تنجذب نحو الصخور والأنهار جنسياً ليس لأنها لا تمتلك أدوات اتصال جنسي ، بل لأنك لا تفقه وعيها بشكل جيد ، ويراها عقلك غير واعية ، ويحتاج عقلك إلى "موضوع ذو وعي" لكي يُحقق "الاعتراف" وهو "غاية المُراد" من العملية الجنسية.
بدون الاعتراف ، لا تحصل على متعة ، وحتى الدُمى الجنسية ، يحتاج المُجانس لها إلى "تخيل اعترافها" على الأقل ، أما لو تعامل معها وفقاً للمعطى المباشر ودون تدخل العقل الباطن ، فثق تماماً بأن شهوته ستتبدد مباشرة … وبالنسبة للأنثى ، فسيكون اعترافها ذا قيمة أعلى كلما كانت إمكاناتها أعلى ، وسيُفضل الذكر "ما يؤله على أنه إمكانات" على تلك المواصفات الهندسية ، سترى ذلك بوضوح ، عندما تجد الأُنثى التي لا تستطيع بسط سيطرتك عليها واجتذابها ، وستفضلها ( ولو في باطن لديك ) على الأنثى الأكثر فتنةً وإغراءً إذا ما قامت بتقديم نفسها لك على طبق من ذهب.
فأيتها السيدة : أنت لا تحتاجين إلى مواصفات خارجية معينة ، بل إلى إثبات قدرتك التنافسية ( عندما تحاولين جذب شريك لا يؤمن بالخروج عن العقل ) ، عندما يُحس الذكر بأنك موضوع صعب لإشباع رغبته ، سيفعل الكثير للوصول إليك ، بغض النظر عن التفاصيل الأُخرى ( أياً كانت ). هو يحتاج أن يحس ب"اعتراف" وعيك بوعيه، وذلك رغم كونك تمتلكين القدرة على الرفض واختيار الآخر.
لماذا تعطي تلك المواصفات الهندسية إمكانات أعلى للأنثى ؟ المسألة تتعلق ب"مبدأ التناظر" وهو أحد المبادئ الاثناعشر الرئيسية التي توجه خارطة الأزمان والخَلق في الكون.
وهذه عينة من بعض الخُرافات الأخرى :
• الإنسان يستخدم كامل دماغه يومياً وليس فقط 10% :
الإنسان يستخدم فعلاً كامل الدماغ ، لكن أغلب تلك العمليات تتعلق بردود الفعل الانعكاسية ، لا العمليات المراقبة من قبل الإدراك الموضوعي ، إذا رغبت بدقة حقيقية فربما يفيدك أن تقرأ القَبس التالي :
"لكن الحقيقة تبقى هي الحقيقة ، وبالعودة إلى الدماغ ، سيتم التعرف إلى أنه أسرع بثمانمئة مليار مرة من الحاسوب الشخصي الحديث ، وذلك حسب المعادلة التي تقول أن عدد خلايا الدماغ الذي يبلغ حجمه 1.5 كغ ، هو بين 70 و90 مليار خلية[1]، في عدد الوصلات بين كل خلية والخلايا الأخرى وهو 10000 ، في عدد الإشارات الكهربائية لكل وصلة في الثانية وهو 10 ، يساوي عدد الإشارات الكهربائية بين كل الخلايا عبر كل الوصلات خلال ثانية واحدة وهو 8000000000000000 إشارة\ثانية ، وهي استطاعة الدماغ الكاملة ، تماما كما استطاعة الحاسوب الشخصي الكاملة هي بالمتوسط 10000 إشارة كهربائية في الثانية.
وكل من الحاسوب الشخصي والدماغ ، يستخدمان جزءاً صغيراً أو كبيراً من قدرتهما ولا يستخدمان كامل هذه القدرة ، ومع ذلك ، يحتمل أن يكون الدماغ أسرع بكثير من الرقم الذي وضعناه بسبب الطبيعة التركيبية لعمل الدماغ والوصلات العصبية\ فحسب رجورز بنروز ونظرية المعالجة العصبية الكمومية ، فلا حدود تقيد قدرة العالجة الدماغية لأنها تعتمد تقنيات وخوارزميات غير محلية.
رغم كل هذا ، إلا أن الحاسوب الشخصي يستطيع القيام بعملية حسابية لحدود مكونة من عشرات المنازل ، خلال ثوانٍ معدودة ، في حين أكثر الناس عاجزين عن القيام بعملية حسابية من مثل 1444/4 دون مضي أضعاف تلك الفترة السابقة ، وهذا السلوك ليس ذا طبيعة خوارزمية رقمية كما يفترض أن يعمل الدماغ. وسنرى أن ذلك مرده لعاملين أساسيين ، هما النموذج المعرفي الذي تم تصميمه من قبل اللاشعور ، والذي تدخل في عمله عوامل كثيرة مثل المقاومة النفسية والخوف، الإيحاءات ، العقد المعرفية ، وهذا النموذج بدوره يقوم بإدارة عمل العقل والدماغ على حد سواء ، أما العامل الثاني ، هو الوعي الموجه لكل من الدماغ واللاشعور ، والذي يختار نطاق التركيز الذي ينفق عليه الطاقة ، وهذه الأسباب في أن اثنين يملكان مستوى ذكاء شبه متطابق من جميع النواحي وحظيا بنفس مستوى التعليم ، أحدهما مصاب بمتلازمة العبقرية [2]، والآخر لا يستطيع حساب أبسط المعادلات ، حيث سيتضح مع تقدم البحث أن الأسباب في هذا نفسية بحتة ، بل وروحية إلى حد كبير. ومع أن متلازمة العبقرية غالباً ما تتلازم مع إعاقات عقلية ، إلا أن الكثيرين استطاعوا حيازة مثل تلك القدرات دون وجود إعاقة ظاهرة من أي نوع."
• قدرة العقاقير والدروغز على حل المشكلات النفسية [3].
وإنني لأتساءل : لماذا يتم التخلي عن "تلك الصروح العظيمة" التي شكلت ذات يومٍ مدارس علم النفس ، التحليل النفسي ، المدرسة الاستبطانية ، المدرسة الترابطية ، الغستالت … يتم رفضها بطرفة عين ، ودون رفة عين ، بكل ما حوته من بنيان مرصوص ، وأناقة منطقية ، ويتم "الترويج" لمدارس نفسية أضعف بكثير ، بل لا تقوى على أن تنهض إلا ضمن دافع سيكولوجي لدى من يتبناها ؟ حقاً ، الحُكم الموضوعي مستحيلٌ على معشر البشر.
الهوامش والمصادر :
[1] The Human Brain in Numbers: A Linearly Scaled-up Primate Brain
[3] لم تعد الحقيقة أولوية.. هكذا تخلت الدراسات العلمية عن أمانتها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق