شجرة الموقع
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تقارير محظورة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تقارير محظورة. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، أبريل 05، 2022

المنهج العلمي والظواهر الخارقة | تجارب ووثائق صادمة عن العلوم السحرية

أثناء التحقيق والبحث العلمي الحر والنقاشات الفلسفية في الموضوعات التي تتعلق بالحقائق المطلقة والوقائع النهائية، قد تبين عبر العصور أنه لم يكن من الكافي أن يركن المرء إلى العلم التجريبي، وبكل الأسئلة التي لم يستطع الإجابة عليها، وبـمنهجه المبني على افتراضات مسبقة تصادر عملية البحث التجريبي وتقوضها، حتى يقرر بوضعه الراهن مصير مظهر آخر من مظاهر المعرفة الإنسانية، والذي يستند إلى أساليب بحثية وابستمولوجية مختلفة جذرياً عن منظومة العلم التجريبي بشكله الحالي … فــمـا هــو الســبب ؟

وأياً يكن ، فإنه يوجد الكثير والكثير من الناس ، المتصفين بكونهم أسوياء وعقلانيين ومثقفين وحادي الذكاء وعلى درجة عالية من الأخلاق ، الذين يصدقون بوجود السحر ( بالمعنى العريض للكلمة ) وعبر جميع الأمم والثقافات اليوم ، وكثيرون جداً منهم من يتعلمه ويمارسه ، وهناك الكثير من الكورسات عبر الانترنت الغربي التي تسمح لك بالحصول على معرفة منهجية منه ، بعضها تجاري وبعضها حقيقي جداً وآتى ثماره بشهادة مئات وأحياناً آلاف المتخرجين.

تكمن صعوبة تصديقك في أن الصورة التقليدية جداً والمزيفة جداً عن الساحر هي أنه "رجل يكتب الطلاسم والحجابات ويقرأ التمائم" ، أو أنها "امرأة عجوز مخيفة تمتلك عصى سحرية بإمكانها الطيران فيها" ، أو يمكنها أن تمسخك إلى ضفدع بمجرد توجيه العصى إليك ، ولنكون دقيقين ، هذه المظاهر قد تم ذكرها عبر التاريخ ، وهناك شهادات مسجلة عليها ، لكنها ليست سحراً ، إنها ممارسات مشوهة جداً وتافهة إلى أبعد الحدود ، وإذا كنت تقصد هل أثبت العلم هذه الممارسات الشعبية فالجواب حتماً : لا ولن يفعل !

هذه الممارسات هي نوع من استخدام الحد الأدنى للطاقة السحرية ، يقوم به السحرة الكسلانين والضعفاء وعديموا العزم ، ولا علاقة له بسحر الكابالا وسحر العدم والظلام.

إذا حاولت أن تنظر للأمر بعيني الساحر الذي يستخدم أساليب متقدمة كالكابالا الظلامية مثلاً ،فستجد الأمر مختلفاً تماماً ، نظريات فلسفية معقدة ومتشعبة ، جهود مضنية لسنوات للتمكن من السيطرة على الملكات الذهنية الأساسية ، قراءات في المنطق وعلم النفس والفيزياء النظرية وأحياناً البرمجة والخوارزميات ومعمارية الحاسوب للاستفادة من كل ذلك بانتزاع المفاهيم الكلية منه وإعادة تسليطها على الملكات الذهنية الأساسية وعلى الممارسات السحرية التي تستفيد منها.

بالنسبة للساحر فإن كل شيء يدل تجريبياً على وجود السحر ، بما فيه ظاهرة الكهرباء نفسها وظاهرة الجاذبية نفسها ، لأنه لا يعرف السحر على أنه خرق لقوانين الطبيعة بل حسن استخدام وتدبر لها ، ولكن قوانين الطبيعة التي يتعاملُ معها ليست محصورة في المختبر أو في المعادلات الرياضية لصناعة الآلات ، إنه ينظر إلى الفيزياء بأسرها على أنها شيء سحري من أوله لآخره ، ومن الصعب أن تدرك هذا إذا لم تنظر بعينيه ، وجودك في الحياة نفسه ووجود الحياة نفسها ، والقوانين الفيزيائية المحددة بهذا النموذج بالذات ، تلك اللوحة الغرائبية التي يرسمها هذا الكون وسائر الأكوان المتعددة ، كل ذلك هو أعلى آية على وجود السحر بالنسبة للساحر ، السحر يملأ كل إنش ، بل كل ذرة في الحياة ، السحر هو القوة الأولية التي تنشأ منها القوى الفيزيائية الأربعة …


تجدر الإشارة أن هذا الكلام كله يخص "الوجه الإعلامي" لما يسمى النظام العالمي الجديد، أما في المجالات الداخلية والتجارب العسكرية السرية، فالأمر يختلف تماماً :


السحر هو مشترك لفظي :

يحدث لبسٌ كبيرٌ بين الناس عند تعريف السحر ، لأنهم تقريباً يطلقونه اسماً على أي واقعة ممكنة الحدوث وغير ممكنة التفسير من منطلقات علمية تجريبية تعتمدها الجامعات ...

ظاهرة باكستر ، السلوك التلباثي للجسيمات الذرية ، حركة الكواكب التي لا يمكن التنبؤ بها ، تلك الزواحف التي ترى حتى ولو تم إغماض عيونها وفي دماغها غدة صنوبرية ضخمة ذات شكل مريب ، كل ذلك له دلالته العلمية التجريبية ولابد أن يؤخذ بعين الاعتبار.

ولكنّ الحقيقة ، أنّ السحر بهذا التعريف ، يشملُ نوعين متباينين تماماً من الممارسات :

"سحرُ الظلام" :

يتم تعقيد دراسته إلى حد يجعل الباحث ييأس من التحقيق في أمهات مصادره ، وكثيراً ما يحتج أنصاره بأن السحر ليس جيداً وليس سيئاً ، والشيطانُ ليس جيداً وليس سيئاً ، وأنت من يحدد ما هو الجيد والسيء ، تماماً كالسيف إما تستخدمه للدفاع عن نفسك أو لقتل الآخرين ، وهذا قطعاً غيرُ صحيح !

لا بل السحر والشيطان من حيث الطقس والإجراء ، لن يكونا سوى الشر التام ، ولذلك أحذر من هذا الطريق ، واعلم أن نهايته ستكون وخيمة ، وأنك ستكون ضعيفاً معه وسأشرح لك الأسباب :

* من الناحية الإجرائية ، يتمّ استدعاءُ الشيطان من عالم العدم "الظلام التجريدي ، وربما لا تعلم هذه النقطة ، ولكن الظلام ينقسم لنوعين ، أولهما هو التقييد الأرضي ، والثاني هو التجريد السماوي "سماء الظلمات الدنيا" ، عندما يقيد شخصٌ ما حياتك بشرطٍ ، كأن تشرب كأساً من الخمر كل يوم ، أو أنك لن تعيش دون هذه المرأة بالذات ، أو دون هذه الصفة بالذات ، فإنّك تركيزك سيتشتت جزئياً أو كلياً ليعصرك نحو ذلك الشرط ، ولكنّ الشرط أساسه وهمي ... فكم مرة تعلقت بشيء وظننت النهاية بزواله وزال ، وما زلت الآن تقرأ كلماتي ...

جميع القيود التي تحدُّ من سعة أفقك وإيمانك بنفسك ، والتي يتم نشرُها عبر الانترنت في كل مكان ، نوعٌ من السحر ، سحرٌ يربطك بالوهم عبر اللاشعور ، ربما سيتفاجئ الكثيرون إذا علموا أنّ "الضعف الجنسي عند الرجال حول العالم ، يعود لأسباب سحري تبقيهم في توتر دائم ، ومنعُهم من التركيز ، وتشتت تفكيرهم الجنسي بخيالات وهلاوس وأوهام" صنعتها الدعاية والإعلام العالمي ...

الأسلوب الثاني هو "التحرير أو تجريد البعد الظلام" في أفق إدراكك أيها المسكين ، فكم مرة مررت على مشاهد العنف والرعب التي لاحقتك واستهلكت طاقتك ، وما الذي يجعل الانترنت الظلامي يعيش حتى هذه اللحظة مع قدرة الحكومات على منع مصادر تغذيته ، إنّ تقييدك بالواقعية الصلبة ، وتحرير خيالك للآفاق الظلامية التي تجعلك تفكر بالمعاناة وتتخيل السيناريوهات ، وتتحول حياتك إلى جهنم ، أمرٌ واقعٌ أمامك ولكنك لا تبصر.

جميع الأساليب التي تستدعي المعونة من كائنات تجريدية ليس لها وجود في هذا العالَم ، وبنفسِ الوقت ، ليس لها وجود في العوالِم العليا ، وهي مجرّد "أشباحٍ" وأوهام ، لا تؤثر إلا على الذي يؤمن بها ويصدق بها ، ولا سبيل لتجسيدها إلا عبر إقناع مراقب بها بأساليب ملتوية ، هذا هو "السحرُ الظلامي".

* ومن الناحية الغائية : لا يقدم الكائن الظلامي أي خدمة لحضرتك ، إلا إذا أمكن تجسيده وبما أنه مجرد ظلام لا وجود حقيقي له ، لابد أن تمثله حسياً عبر صورة بشعة ، عبر حرق جثة أو تشويه شخصٍ ما ، هذه الكائنات تتغذى على شيء واحد ، تتغذى على المشاعر لكي تنمو وتزدهر.

"سحرُ النور \ حُكم النبوة" :

هو الذي لا تتكلُ فيه على طاقات الظلام ، بل تستخدِمُ قوتك الإلهية ، صلتك بالله ، إيمانك الحق ، ودعوة الحق.

ربما يظن أكثر الناس أن سحر النور ضعيف جداً ، ولكن الحقيقة ، أنه يستمد قوته من إيمانك به ، وحضور تركيزك الذي تدربه بالتأمل والصلاة والرياضة ، وفنون القتال ، وحضور خيالك الذي تدربه بالفن والجمال ، وحين تلاقي القوتين ، يمكنك بسهولة طردُ أقوى شيطانٍ على الإطلاق !!

السحر شيء أكثر تجريداً من أن يتم إثباته في معامل الاختبار ، ولكن آثار هذا الشيء ونتائجه موجودة وقد تم إثباتها تجريبياً آلاف المرة ، كل ما في الأمر أن تلك التجارب أهملت ولا يتم تسليط الضوء عليها نهائياً …

تجارب علمية رصينة تثبت تأثير الممارسات السحرية على الموضوع المراقب :

1. التجارب الأولى كما وردت في كتاب Phantasms of The Living والذي قام بدعمه وإعطاءه محتواه العلمي التجريبي مجتمع علمي كامل مكون من أعلى وأكفأ العقول التجريبية في لندن في ذلك الزمن ، من تخصصات مختلفة بعضهم حائز على جوائز عالمية ، بعضهم حائز على جائزة نوبل ، ويكفي القول أن وليام جيمس المؤسس للبراغماتية العلمية كان واحداً من أعضاء هذا المجتمع ، كان يسمى London Society for Psychical Research (SPR) ، وإنك ستقرأ العجب العجاب في تجاربهم الاستثنائية ، حالات دقيقة جداً من التخاطر ، التحكم في أحلام الآخرين على بعد أميال ، الحضور خيالياً لشخص آخر على بعد عدة أميال ، تخدير مناطق بعينها في جسم موضوع التجربة عن بعد والكثير الكثير غير ذلك مما تم ذكره في مجلدين ضخمين مع شرح الأصول التجريبية لكل ظاهرة.

2. التجارب الثانية كانت أوضح بكثير ولا يمكن تكذيبها بأي حال ، وتم ذكرها في كتاب "Phenomena of Materialisation by Baron Von Schrenk Notzing" وقد تم حشدها على مدة طويلة جداً ، جلسات استحضار أرواح مصورة بكاميرا عالية الدقة منذ أكثر من قرن حيث لم يكن هناك من يتخيل وجود شيء اسمه فوتوشوب ، قام بجمعها رجل ذو مكانة علمية واجتماعية تكاد لا تضاهى في ذلك العصر.

وأخيراً أرغب القول ... أنه ليس من الممكن أن يتم إثبات السحر أو نفيه بتجربة علمية أياً كانت ، وذلك لثلاثة أسباب أساسية :

1. طبيعة السحر الوجودية : أن السحر ليس ظاهرة بعينها ، بل منظومة أنطولوجية متكاملة فيها آلاف النظريات والفرضيات والظواهر ، وإثبات واحدة لا يمكن أن يثبت البقية ، كما أن نفي واحدة لا يمكن أن ينفي البقية ، تماماً ككل النظريات العلمية الكبرى ولكن هذه المرة بشكل أشمل بكثير. حتى النظريات العلمية الكبرى لا يمكن إثباتها تجريبياً لنفس السبب ، ورغم ذلك يتم أخذها على محمل الجد بسبب قدرتها البيانية للواقع الملاحظ ، وإمكانية استخدامها عملياً ... وماذا لو أخبرتك ، أنّ السحر هو أكثر ملاحظة واستخداماً بكثير ، لولا حجب الضوء عنه عالمياً.

2. الفلسفة التي يقوم عليها السحر : لم تحدده أصلاً كعلم تجريبي وفق الشروط الوضعية ، التي تقتضي أن تكون العلة والمعلول تجريبياً ، فلا يكفي إثبات الظاهرة تجريبياً بل لابد من ردها إلى عوامل مادية بحتة ، كما أن فلسفة العلم التجريبي لا تحدده كعلم سحري ، كلاهما ينتمي لنظام ابستمولوجي مغاير تماماً للآخر ، فالساحر لا يهتم مثلاً بالمعايير التجريبية مثل الضباطة ومحاور الإسناد الحيادية ونحو ذلك "فيتجسيد أمر محلي" إلا عندما يريد إثبات ظاهرة بعينها لعلماني متشكك ، تماماً كما لا يهتم العالم التجريبي بمعايير السحر كالتجريد والانتزاع والاستبطان والحدس.

3. المجتمع السحري : متحفظ جداً ويراعي السرية إلى أبعد حد على الإطلاق ، ومن المستحيل أن تجد ساحراً ( خاصة في هذه الأيام ) سيطير في الهواء أو يمشي على الماء ، لألف سبب وسبب ليس أقلها عدم جاهزية الحضارة الحالية لتلقي تلك الصفعة القوية على حد تعبيرهم …!!

أرجو للجميع الهدى نحو شمس الحق المبين

المزيد من التجميعات الوثائقية والبحوث :

مراجع الأستاذ علاء الحلبي للبحوث الممنوعة

كتب ومقالات علاء الحلبي 

وثائق الدكتور ماركو باريت المرئية

Marco Paret

مجتمعاتٌ سحرية :

Brotherhood Of Light

Hermetic Academy


السبت، أبريل 02، 2022

{ نماذج الفيزياء والعلم } | حقيقة الواقع والتطبيق

ما المُشكِلَةُ في العلم التجريبي ... لماذا لا يستطيع التقدم للأمام إلا نظرياً منذ سنين طويلة جداً ، ولا تخرج المزيد من الاختراعات التي تنتمي لواقع نوعي جديد ، هل توقفت عجلة العلم البشري عن إنتائج شيئ جديد كيفياً وأصبح التراكم في درجة التعقيد وزيادة المقادير الفيزيائية لإنجازية الآلة ، دون استخدامَ مقادير فيزيائية جديدة ؟

هل انتهى عصرُ العلم الذي نعرفه ، وماذا عن الأوتار الفائقة ، والأكوان المتعددة وبقية فيزياء الكونيات النظرية ، لماذا لا يستطيع الإنسانُ أن يختبرها ؟ لماذا لا يستطيع أن يستفيد منها بشيء ... إلا التقدم النظري والجدل الكلامي في اللاهوت.

كيف تتقدّم الفيزياء من نيوتن إلى اليوم ؟

الفرقُ في النموذج العلمي … وفقَ تقييم كون لفلسفة الفيزياء


فيزياءُ نيوتن ، نموذج العلم التجريبي ذو المقاهيم التجريدية العقلانية والإجرائية
الفيزياءُ اليوم ليست فيزياءً واحدة إلا من حيثُ الدراسة الأكاديمية الجامعة للشتات … كل نوع من نماذج الفيزياء يستخدم طريقة مختلفة لفهم العالم ، تتعامل مع حيثية معينة منه.




هنالك أربع نماذج أساسية للفيزياء : التجريد الشبحي ( بطليموس ) والتجريد العقلاني (كوبرنيكس\نيوتن)
والتجريد الإجرائي ( آينشتاين\بلانك\ماكسويل ) والتجريد البُنيوي ( الأكوان المتعددة \الهولوغرام\ المُحاكاة\ اللاحتمية المُطلقة).

من رؤية بطليموس ، الضوء كائنٌ محلي غامض لا يمكن استخدامه بشيء سوى تكوين مفهوم شبحي عنه ، مجرد اسم ، تتطور رؤية الضوء بالنسبة لنيوتن ليكون كائناً تجريدياً خاضعاً للمعادلات ، ثم خاضعاً للمعادلات وقابلاً للقياس والاختبار والتوجيه ، مع آينشتاين وبلانك ، وأخيراً ، يحاولون البحثَ عن كُنهه ضمن زمنيته المحلية الغائبة عن حضور العلم للإدراك ، ليصبحَ بالنسبة إليهم كائناً لاحتمياً أو احتمالاً في سحابة توصيفية إجرائية ، لأنّ كُنه الضوء لا يتفق مع الوصف المادي.

قس على ذلك الجاذبية ، والصوتيات ، والبصريات ، وعلم الآلات التي تتدرج من المفهوم الشبحي البسيط حتى المفهوم العقلاني الإجرائي البسيط ( ميكانيك ) والكهربي (الكترونيك) …

جميعُ الاختراعات التي تراها اليوم تعود للنوعين الثاني والثالث ، لأنهما التزما بالواقع المحلي دراسة وتأويلاً ، ولم يستخدماه كمصدر لاقتباس تأويلات محلية حولَ الأسئلة ما وراء الفيزياء … فقط الفيزياء المحلية تقوم عليها الاختراعات المحلية ، النوع الرابع من الفيزياء ، لا علاقة مباشرة له بأي اختراعٍ يفيدُ البشرية ، لأنه لم يحدث أن تم اختراعُ جهازٍ ذو بنية محلية ولامحلية بنفس الوقت ، سوى الحاسوب الكمومي المركزي الذي يعدون العدة لإظهاره كربٍّ جديد. والذي يربط عالم الظلام التجريدي بهذا الواقع الذي أمامك.

طبعاً ، هذه النماذج لن تفهمها من ضمن الفيزياء نفسها ، يمكنك أن تتحدث السودية باللغة السويدية ولكن حين تتحدّث "عن" السويدية ، أكيد ستستخدِمُ لغة أخرى ، وإذا أردتَ كشف كنهها لابد للغتك أن تكون أعمّ وأوضح.

طبعاً لستُ مختصاً في الفيزياء ولا أدعي شيئاً لستُ أهلاً له ، ولكنّ جوابي ليس من ضمن الفيزياء نفسها بما هي نموذج ، إنه أمرٌ واضحٌ ومفهومٌ جداً في فلسفة العلم ، عدمُ تخصصي في الفيزياء ، لا يمنعني من إبداء رأيي ونتائج أبحاثي ، لك كامل الحق برفضها أو قبولها ، ولي كامل الحق بعرضها ، مع أنني مللت من طريقة التعامل التي "تَعبُد" الألقاب والشهادات في هذا الموقع وغيره ، ولكنني لن أسأم وسأستمر … مُرحب بالنقاش المحترم البناء ، من أيٍّ كان.

مُشكلة التجريب الحقيقية ... ماذا وراء النموذج الحالي للفيزياء :


لتُدرِك أيها القارئ الموقر، أنّ الإشكالية في عدم قدرة العلم الحالي على ضم تأويلاته للعالم القابل للتجربة ، ليس لها علاقة بمحدودية الأجهزة الحالية ، بل لها علاقة بمحاولة "حصر" البنية التجريدية العِلِّية بنموذج قابل للاختبار محلياً ، وهذا لسوء في فهم معنى المحلي ومعنى الواقع التجريدي ، الواقع المحلي هو مجرد أرصاد لتأثيرات يتم المقارنة بينها بطريقة موضوعية لاستنتاج سلوكها المحلي ثم الاستفادة منه عملياً ، الواقع التجريدي يتعدى ذلك الأمر ، فهو يتعلق بالبنية العميقة للمادة ، والتي تقعُ ما وراء الأرصاد ، الواقعُ المحلي هو تأثير الضوء على الكتلة الذي يمكن رصده حسياً والتآثر معه ، الواقع التجريدي هو عِلّة هذا التأثير وعلة المعادلة التي تحكم سيرورته … العلة تتلاشى من كونها علة حينَ تصبح أثراً محلياً قابلاً للرصد المحلي ، وقابلاً للاختزال في معادلة رياضية ، والقول بأنها هي نفسها الأرصاد ونتائج القياس وسلوكها العملي وليس شيئاً آخر ، يُعادل القول أن الواقع الحقيقي غير موجود في كنهه، بل فقط في وظيفته الممارسة على الحواس ، التي هي وظيفة أيضاً ، وتأويل الإدراك بنفس الطريقة كوظيفة لا كُنه لها ولا اعتراف عليها سوى حين ارتدادها لقانون إجرائي رياضي لا يعبر عن شيء سوى حَدَثية الإجراء نفسها … ردُ كل الكون والوجود إلى الناحية الوظيفية القابلة للاختبار العملي ، يحتوي على ضعف في البنيان المنطقي غير قابل للإصلاح ، ولذلك لا يُمكن نقلُ هذا التأويل للعالَم ككل إلى حيز التجارب … عملية التجريب ، تقتضي أن يكون الشيء المجرب أصلاً محلياً وقابلاً للتوصيف الإجرائي ، والقول بأن أي شيء لا تنطبق عليه هذه الصفات غير موجود ، لهو قول شديد الخطورة على البشرية من كُلّ النواحي الممكنة ، لأنه سيلغي معنى الإدراك والوعي والروح ، ومعنى الإنسانية والأخلاق ، ومعنى الشفاء والجمال والفن ، وكلّ وجدانٍ ممكن ، ثم تتعدى ذلك لتعزِلَ الإنسان عن كل معرفة تجريدية مُمكنة وتمنعه من التفلسف ، ومن إقامة نماذج علمية جديدة على أسس جديدة ، حيثُ يصبح هذا النموذج الحالي هو الوحيد ، وتعدى ذلك حدود من يتبنون النموذج ، لنفذ إلى السُلُطات التي تمنعُ أي محاولة لإنشاء نموذج جديد من قبل أي مؤسسة بحثية ، وتمنع أي تجارب على هكذا نموذج وبالتالي ، تمنعُ أي استفادة عملية منه … ذلك ما حَصَلَ مع تِسلا ، ورايخ ، ورويال رايف ، وديفد بوم ، ويحصل اليوم مع نظرية العقل الممتد ، ونظرية الدنا الموجه ، وكل محاولة كسر هذا الجدار الحديدي الذي يحجب العلم البشري والإنسانية عن أي تقدم وعن تحقيق أي قيمة وجدانية من الحياة.

إنّ ما تراه اليوم من ازدهار ، يعود بالكامل لمخططات تسلا وتطبيقها ضمن أسس الفيزياء الإجرائية ، التلفاز والحاسوب والراديو ، والقمر الصناعي ، وكُلّ الأجهزة التي تراها ، تعود لتقنيات الكهرباء السلكية واللاسلكية التي قام بها تسلا ، ولكن ما لا تعرفه ولن يخبرك به المجتمع العلمي وآلاته الإعلامية الجبارة ، أن فيزياء تسلا تتعدى الواقع الذي يمكن اختباره بالإجراء المحلي والرياضيات المحلية … لقد استطاع تسلا أن يتعرض لمليون واط من الكهرباء في تجربة موثقة دون أن يتأثر ، ولقد توصل لتقنية تولد الكهرباء من العالم التجريدي ، بل لتقنيات لعبور الزمن ، والتحكم بالعالم المحلي عبر العالم التجريدي ، مما يمكن من شفاء الأمراض ، وقراءة الأفكار ، والانتقال الآني ، والتحكم بالطقس والمناخ إلى حد معقول … تم منعه من نشرها ، تم منعُ الحديث عنها ، صار تسلا المنسي ، مجرد أيقونة تجارة إعلامية لنظريات المؤامرة ولشفرة 369 التي لا يفهمون سوى رسمها.

لا أيها القارئ ، لا أيها الإنسان ، علمك لم يعطي للبشرية سوى الخراب والدمار ، وحول البشر إلى عبيد للشهادات العلمية ، نموذج العلم بصيغته الوضعية ، لا علاقة له بالنماذج التي تم من خلالها اختراعُ كل شيء تراه أمامك ، ولا علاقة له بالواقع الحقيقي … إنها أحلام أليس في بلاد العجائب ، وهي تلاحق الأمل المفقود … بقيمة للحياة ولمسيرتها المهنية والعلمية.

التجريب لن يكفي أبداً لرد العلل إلى عالم الواقع ، لأن التجربة لوحدها ومن دون استخلاص لُبّها المُجرّد ، لا قيمة لها على الإطلاق ، وتأويلك للتجربة على أنّها تصفُ الواقع الوجودي ككون إجرائي مُغلق ، لا يمكنك أن تنقُلَه إلى نطاق التجريب وتثبته ضمن منهج تجريبي ، لأن الإجراء لا يدرَكُ إجرائياً بل يكشف لمرايا الإدراك الداخلية ، التي على قدر نظافتها ترده لعوامله المُجرّدة.

ولأنّ الإجراء ، لا ينقل التأويل بما هو كشف العلل إلى حالة قابلة للتجريب ضمن نطاق مجالات الأثر والتأثير ، فلا تعود يوماً قادراً على إثبات نظريات الفيزياء الميتافيزيقية ، التي تحصر الميتافيزيقا في العالم المحلي أو الإجرائي التوصيفي ، من خلال تجريب … فلن تستطيع أبداً من منطلقات العملية والتجريبية أن تبرهن تأويلك للعالم على أنه لا حتمي ، أو فوضوي ، أن الكون مُغلَق ، أن الأكوان المتعددة هي كل الوجود ، أن الوجود محاكاة … ذلك نوعٌ من الفلسفة المبتذلة التي يتمّ إلصاقها بالمنهج التجريبي الأصيل … ويتم بيعها للناس على أنها احدث وأهم ما توصل إليه العلم الحديث ( المعدل وراثياً ).

في النهاية … قيمة الحياة لا تتحدد بكثرة المعارف ، وكثرة الأموال ، وكثرة الشهادات ، وكثرة الأجهزة والآلات ، لا بالنسبة للذات ، ولا بالنسبة للآخرين ، هؤلاء الذين يعجبهم زيك الخارجي وقناعك ما إن يزول ، حتى يهجروك أو يرجموك ، ويكفرون بعبادتك ويكونون عليهم ضداً ، قيمة حياتك بما أنت إنسان ، وبما أنت وجدان ، فحياة شخصٍ بائس ، إن أدخلت البهجة لها ، حينها سيكون لك قيمة بالنسبة له ، وليس لزيك وقناعك. شفاء الجسد ، لا يشفي الروح ….

لجميع الذين يدعون أنّ النموذج الفيزيائي الحالي (الذي يصف الكون كمجموعة كائنات محلية وتوصيفات رياضية … وليست تحتاجُ لعلة فوق ذلك للوجود والاتصاف - كونٌ فيزيائي مُغلق يشمل بمفهومه أي فيزياء لا تحتاجُ لعلّة قيمية حية ) ) كافٍ للتفسير :


التجارب التي تكررت مليارات وتريليونات المرات ، ضمن المصادمات ، هل تُثبِت شيئاً غير الحركة الارتيابية محلياً بالنسبة ل"تأثيرات" ما يسمى بالجسيمات المرصودة. وهل كنت شاهداً عليها طوال هذه التريليونات ؟ هل تثبت كامل بنيان نموذج الكون التوصيفي المحلي المُغلَق ، بالاستناد إلى بضعة أنماط تجارب ، تكررت تريليونات المرات …

هل تأويل هذه التجارُب برؤية فيزيائية موضوعية ، تستندُ لنموذج الارتياب اللاحتمي ، يُمكن أن تبرهن عليه تجريبياً -وفقَ شروط البرهان التجريبي ليتحول من تأويل نظري تخميني إلى حقيقة واقعية\ أو على الأقل لينتقل الارتياب من مستوىً فوق فيزيائي "اللاحتمية المُطلقة" إلى مستوى فيزيائي قابل للاختبار "ولو مرة واحدة" ولا يبقى … مُجرّد تأويل ليس له تطبيقات عملية- وحينها ستحصد جائزة نوبل.

هل تأويل الارتياب بنموذج الكون التوصيفي المُغلَق ، الذي ليس فيه سوى الآثار المحلية وإجرائياتها الرياضية ، مما يجعلُ الارتياب طبيعة الكون الجوهرية الغنية عن الأسباب المؤدية لها ، يُمكن أن تُبَرهِنَ عليه تجريبياً لتنتقلَ هذه الجملة من حيز التأويل إلى حيز التطبيق ولك جائزة نوبل.

هل نموذج التجريب الوضعي في فلسفة العِلم ، المُعتمِد على تكرار تسجيل الاقترانات ضمن نطاق زمني محلي ، وربط هذا التكرار بتأويل ينتمي لنموذج الكون التوصيفي المُغلَق يمكن أن تبرهن عليه ضمن إطار فلسفة العِلم ولك جائزة نوبل.

من أين جاء النموذج التجريبي الوضعي ، الذي يحصُر التأويل الفيزيائي ضمنَ الواقع الفيزيائي. هل أتى من التجريب والحس المادي أم من افتراضات عقلية مجردة وتخمين يتناسبُ مع رغبات معينة.

التجارب التي تقيمونها - أيها الفيزيائيون - في مُختبراتكم ، هل تثبت السلوك الإجرائي الوظيفي للوقائع الفيزيائية ، أم أنّها تتعدى ذلك نحو علل هذا السلوك وسؤال الكيف ولماذا ؟ وفي الحالة الثانية ، يرجى ذكرُ تجربة واحدة ضمن هذا الإطار. وفي حال عدم ذكرها فلا يحق لك الحديث بإجاباتك عن أصل الكون وفصله ، وعن الإيمان والإلحاد ، وعن الأكوان المتعددة ، وعن الحقيقة والواقع. ونسب آرائك الشخصية لعلم الفيزياء … لأن إجاباتك هذه لا تخضَع للموضوعية التي تزعمونها.

الواقعُ الذي أتكلم عنه ، لم يكن إثباته صفر مرة لولا نظامك العالمي الجديد ، الذي يُكمم الأفواه ، تجارب الباراسيكولوجي والتنويم المغناطيسي والوساطة ، تتم حالياً كل يوم ملايين المرات ضمن إطار المخابرات وسبق ووضعت دراسة عن 12 مليون ورقة بحثية للسي آي إيه بذلك ، وسبق ورأيتَها أنت ، ولا تزالُ معي لمن يريد مطالعتها جاداً وليس من باب زيف الأنا … حالات شفاء الناس ، لا تحتاجُ لترسانتك العلمية ليتم إثباتها ، نماذج الرياضيات الإحصائية ضمن الطب لم تحقق حتى اليوم علاج مرضٍ واحدٍ علاجاً حقيقياً … تحتاجُ لقلبٍ حي يدركها.

واقِعُك كله ، بكل ما فيه ومن فيه ، وجامعاته ومراكزه البحثية ، لا يهمني بشيء ، ليس لك الحق في فرض رأيك علي ، قم بالسخرية والاستهزاء كما تشاء ، لكنّ مصادرة حق الآخر في التعبير ، والدعوة إلى تكميم أي نطق بالحق بحجة أنه لا يتلاءم مع نموذجك الخاص هذا ليس علماً ، هذه جريمة ومحاولة إرهاب ومحاولة حرب نفسية … لجميع طوائف الفكر والإيديولوجيات العلمية والدينية والسياسية أتكلم.

__________________________________


الأسئلة الغريبة والإجابات الأغرب :


1. هل بنيت آلة أو تم تجريب نظرياتك ؟

هل أخذَت نظرياتي فُرصة أصلاً لكي يتم تطبيقُها ؟ هل هُنالك جهة تتبناها ؟ وهل أنت بنيت آلة بوضعيتك والتجريب ، أم باكتشاف القوانين العقلية التي تتحكّم بالآلات ؟ هل المُعادلات هي كائنات حسية أم معقولاتك عن العالم المحسوس ؟

2. التجارب متكررة ملايين المرات …

لستُ في حرب ضد التجربة بذاتها ولا أنكر فضلها ، عندما تكون مُقدمة لاستنتاج تجريدي ، وليس عندما يتم استقبالُها بشكلٍ سلبي أو بتأويل يتلاءم مع هوى المذهب الوضعي ، ثم لصق عنصر التجربة ونفعه في حياة الإنسان ، بمذهب فكري إيديولوجي متعصب متشدد ، التجربة عنصرٌ مفيد عندما يتفاعلُ مع التأويل الصحيح ، ماكس بلانك مؤسس الكم ، آينشتاين ، وغيرهم ، لم يشتقوا نظرياتهم الكُبرى من التجريب. بل من التأمّل الذي تحول لتجريب.

المُشكلة ليست في التجرُبة ، بل في "تأويلك الخاص" للتجربة وجعله سُلطة دون وجه حق.

أكثرُ ما تم تجريبه على الإطلاق ، هو التجريد والاستنتاج ، الذي تستخدمهُ في حجتك ، بل وفي بناء مذهبك بأسره.

جُملة خلدها التاريخ ، قالها حرفياً لي أستاذ متخصص في فيزياء الأوتار :

"لا ، لا يحق لك ان تأتيني بفكرة او رأي من "قفى الحصان"، و تقول لي انها تملك حق الحياة او الوجود"

من المعقول بنسبة معينة أن يتم إقصاء الأفكار الساذجة والعقيمة عندما يتم إلحاقها بنماذج ذات تأثير كانت أو غير ذات تأثير ، عندما تكون هذه النماذج لا تتعلق بتلك الأفكار ، من المعقول أيضاً إقصاء الأفكار حتى لو كانت صادقة وحقيقية حينما يتم زجها بغير العلوم التي تدرسها والمناهج التي تتبناها ، ولكن ، من اللامعقول والجنون والاستكبار والغرور والتعدي للحدود والكفر بكل حقيقة ووجدان ممكن ، أن تعتبر نماذجك هي الشريعة الوحيدة للحياة ، أو هي كل شيء ممكن الوجود ، وأن تفرضها على من لا يرغب بها أو أن تفرض على آذان الكائنات الحية أن لا تصغي لغيرها ، أن تقول لي أو لإنسانٍ ما : ’’ لا يجب لأفكارك أن توجد في أي مجال على سطح الأرض ، وأنها لا تمتلك حق الحياة والوجود " من ذا الذي أعطاك الرخصة للتسلط على أفكار الناس ، وحرية تعبيرهم ، وحق الحياة والوجود لفكرة أو لأي شيء آخر ؟ هل تعتبر نفسك رباً للناس أو أن يكون نموذجك العلمي رباً يقيم الحقوق والحياة والوجود ؟ 

ليس المهم مدى تأثير فكرة الإنسان ورأيه ولا حتى مدى واقعيته ، فطالما يحق له الحديث عنها بناموس الكون وشريعة الحياة ، والقيم الإنسانية ، وحرية الفكر والتعبير ، فليس لك أو لأحد من الناس الحق بإقصاءه ، وإذا كنت واثقاً بنفسك هكذا فرده بالدليل والتسوية البرهانية ، وليس بالتهديد الفكري ومحاولة حظر الكلام.

وطالما أن الإنسان الحر يملك الإرادة ويؤمن بنفسه وبالحياة والوجود والحكمة ، لن يضره كلام الآخرين شيئاً ، أولائك الذين يظنون علومهم تكفي لإيقاف عجلة البحث وطمس الرغبة بالوصول للمُطلَق ، فواقع لا مطلق فيه ، واقع لا حياة فيه ... ولا رغبة للحي أن يأسره نفسه به.

هل هذا نوعٌ جديد من الحريات وحقوق الإنسان ، التي تسمح لك بأن تمنع حياة ووجود "الأفكار" ليس فقط في نموذجك وجامعتك ومجالِ عملك ، لا بل أيضاً في أي واقِعٍ ممكن التطبيق ، وذلك لا من وجهة نظر أخلاقية أو قانون يحفظ الحق ، لا بل من وجهة نظرك الخيالية للواقع ... هل هذا هو النظام العالمي الجديد الذي تبشرون الناس به ، تَعساً له من فوضى.

الأحد، مارس 27، 2022

خرافات أكاديمية | ما هو المعيار الدقيق في التمييز بينَ العلم والخُرافة ؟

 سأحاول أن لا أنظّر فلسفياً كثيراً وسأضرب لك مثالاً عملياً ، قم أنت باشتقاق التعريف منه :

إن كلاً من الخرافة والعلم ( بالمعنى الذي تقصده ) هما محاولتان لتأويل موضوع معين له معطيات مبهمة ، ومن خلال تظافر التأويلات ، ينشأ "نموذج معرفي عن العالم" ، ليس هناك حقيقة مطلقة في المعرفة البشرية حتى تكون الخرافة ضديدها. ولكن ببساطة ، انظر معي للمثال التالي :

"وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم" ويستتبعها حديث يقول "دابةٌ أُهلُب"

التفكير الخرافي يقوم بتأويل الآية وفقاً للرؤيا التي توفرها الصور التالية :

أو مثلاً يقوم بإسقاط نتائج توصل لها العلم التجريبي الحالي على النص المقدس السابق ، فتُصبح الدابة هي كورونا مثلاً ( أو أي وباء مستقبلي آخر ).

التفكر العلمي يتعامل مع نفس النص ضمن نموذج مَعنوي وتجريدي ، يرُدُّه إلى أصله ضمن نطاق الوجود ، فالدابة هي التي تتصفُ بغَلَبَة الجسَد وغرائزه وقيوده على النفس وتشتيته لانتباه الروح ، ومع الوقت ، تنعكس الدابة على المُستوى الجمعي "كما في آلات الحَرب" وعلى المستوى الكوكبي أيضاً "كما هُوَ موعود".

النص بحد ذاته "مُبهم" وحمّال لملايين الملايين من التفسيرات ( تقريب للانهاية ) ، ولـَـكن ... هنالِكَ تفسيراتٌ لها مُنطلقات دقيقة ثاقبة ، وهُنالِك تفسيرات عشوائية ليس لها دالة ومصفوفة تستندُ عليها ، أي نص مقدس أو حتى مُغرق في الطابع الأدبي أو الفني ، تنطبق عليه هذه القاعدة ، ببساطة لأنه يتكلم عن أشياء غير محددة المعالم ، ليس هناك لُغزٌ في العالم يأتيك مع Guide book ، فما بالك بألغاز ميثولوجية ودينية مِن أعمَق الأزمان  ؟ طريقة تأويلك هي ما سيحدد قيمة الطرح الذي تُقدمه.

إليك أمثلة أخرى :

  • الخرافة تقول : هناك 300000000 إله عند الهندوس[2]وأنهم يعبدون البقر ، الحقيقة كما تصفها CNN[3].
  • الخرافة تقول : لقد بُنيَ هرم خوفو[4] كمقبرة للملك "خوفو" الذي يعد من أقل ملوك مِصر أهمية ، وبوسائل بدائية تشبه وسائل بناء الأكواخ.
  • التفكير الخُرافي هو أن تُجهد نفسك في تأليف كتاب من أكثر من 400 صفحة[5] لكي تُثبت أن الإله هو شاب أمرد موجود في مكان ما في الفضاء ( الذي يعرفونه على أنه السماء ).

يعتمد "التفكير العلمي" على "التجريد" [6] ، إنه أهم من "التجربة" بحد ذاتها ، إنه المَلَكة المعرفية التي المسؤولة عن إدراكك للمفاهيم والعلاقات الرياضية[7] والمنطقية ، ولاحقاً الفيزيائية[8]، وأخيراً الحاسوبية[9].

"التفكير التحشيشي" هو ما يجعل معادلة من نوع E=mc² مجرد لغو لغوي لا يصلح للانطباق إلا على واقعة محددة بعينها ، بينما يَمتنع تعميمه على مجموعة "فئة" ضمن إطار فيزيائي ، أي أنه حتى ضمن مجالها الفيزيائي الافتراضي ، لا معنى لعموميتها ، لأنه لا معنى لها كـ"كليات" و"علاقات" أصلاً. وحتى ولو افترضتم تحقق المستحيل وتجريب هذه المعادلة على كل الحَدثيات الزمكانية ودون الزمكانية ضمن العالم الفيزيائي منذ نشأته وإلى توفيه أو إلى الأبد ، وتوافق جميع هذه النتائج اللانهائية ، فوفقاً لـ"فلسفة العلم التحليلية" ليس هناك معنى لهذه المعادلة ، بمعنى أن الخاصية المميِزة لـ"فئة" تضم مجموعة من العناصر ، غير قابلة للتعميم على هذه العناصر ( حتى ) ولو تحققت في كل عنصر. لأن التعميم ضرب من العِلية المعقولة ، وهم ببساطَة رافضون لأي وجود للمَعقولات رفضاً ابتدائياً دون برهان وتحقيق.

"عندما يقول لك أحدهم : إن كان حبيبك من عسل ، سده واستريح ، وتتخيل حضرتك "برطماناً ضخماً مملوءً بالعسل" وكيفية سده ، فهذا هو التعريف الدقيق لـ"الخرافة" ، لكن عندما تحاول تعميم نتائجك المبهرة وتحوليها إلى "الدالة الوحيدة ذات المعنى" والتي تُلغي كل معنى من إطار دراسة العلم والفلسفة ، بل وحتى تأويل الأدب والدين والانثروبولوجيا وفقاً لذلك السياق ، فهذا هو التعريف الدقيق لـ"التحشيش"[10].

إن الخُرافة ترتبط بالتأويل السطحي للرموز ، سواءً أكانت دينية أم تجريبية ، إنها إحالَة معنى الرمز إلى مستواه الذي ظهر به كرمز ، تماماً كما لا يفهم الأطفال عادة مقصود الأقاويل الجنسية ، تماماً كما لا يفهم الفيزيائيون الكبار مبادئ علمهم الفلسفية ، وتكوين الشيء الفيزيائي.

ولكنّ العناد حذا بأصحابه أن "يرفضوا" بشكل انطلاقي وجود المعنى في الكَون ، ويؤسسوا عليه بنيانهم المعرفي ، ثُمَّ يُلصقوه بالعلم التجريبي ، هذا ليس خرافة ، هذا افتراء وتعصب أعمى ومحاربة لانتشار الحقيقة هذا ، تحشيش.

تحياتي …

_________________

تعليقات :

"التفكير الخرافي يقوم بتأويل الآية (…)".

ما منهجك في تأويل الآيات الدينية؟

"أو مثلاً يقوم بإسقاط نتائج توصل لها العلم التجريبي الحالي على النص المقدس السابق ، فتُصبح الدابة هي كورونا مثلاً ( أو أي وباء مستقبلي آخر )."

في أَحدِ نصوصي الأدبية :

أسقطت فكرة إعدام الناس المبدعة (كتّاب، فلاسفة، علماء …) على حبل المشنقة وفكرة جاذبية الرفاه الذي يؤدي بالمجتمعات للانسحاق الحضاري على الجاذبية؛ طبعا هذا ليس اجتهاد فلسفي تاريخي مِن عندي بل اجتهاد غيري.

" لكن عندما تحاول تعميم نتائجك المبهرة وتحوليها إلى "الدالة الوحيدة ذات المعنى" والتي تُلغي كل معنى من إطار دراسة العلم والفلسفة ، بل وحتى تأويل الأدب والدين والفن والانثروبولوجيا وفقاً لذلك السياق ، فهذا هو التعريف الدقيق ل"التحشيش".

حسب هذا التعريف هل هذا ضرب مِن التحشيش:

التحشيش في جملة: "أضف أن الفلسفة ومواضيع الدراسة المعروفة باسم الإنسانيات ما زالت تدرَّس وكأن داروين لم يولد بعد". -ريتشارد دوكينز (الجينة الأنانيّة).

إذا كان كذلك؛ في رأيك ما الذي يدفع الناس لهذا التحشيش؟ وما المشكلة في هذا التحشيش؟

معذرة على كثرة الأسئلة وعن أي سوء فهم للإجابة. إجاباتك تثيريني فكريا. ممنون لك ^_^

أهلاً وسهلاً بحضرتكم ، لا على العكس ، مرحبٌ بالأسئلة دائماً ( على قدر استطاعتي ).

أرغب أولاً أن أشير إلى أن لفظ "تحشيش" و"خرافة" ليس من باب الإساءة ، بل من باب النقد الساخر ، حيث أنه وبصراحة ففكر الوضعية المنطقية بنموذجه القديم "ابن تيمية" والحديث "مدرسة فيينا ورسالات شباب فتجنشتاين" هو فكرٌ جبار ومؤثر ويستحق كامل الاحترام "كمجهود". وحقيقة استغرقت مني عملية تفكيكه زمناً وجهداً طويلاً ومتعباً وذا نكهة خاصة.

أما بالنسبة لدوكنز ، مع احترامي له ، إلا أن كتبه ( ذات طابع تجاري ) أكثر منها طابعاً نقدياً جاداً ، من يريد فهم عقلية الملحد أو العلموي لا يلجأن إلى تلك الكتب ، لأنها شعبية كثيراً ، بل عليه أن يطلع على : المنهج العلمي والوضعية وكتاب "الإلحاد : تعليل فلسفي" وكتب العبثية والعدمية. لا جدوى كثيرة من نقد فكر دوكنز لأنه موجه نحو غايات غير حوارية أصلاً.

ما يقصده دوكنز هنا ، هو احتجاج منطقي يبدأ من مسلمة التسليم بالعلم المؤسساتي وبنظريات أخرى ، وهو يستخدم "الإيحاء" للقارئ بأنك طالما تسلم معي بهذا فلماذا تنكر ذاك ؟ وهي حجة جدلية تعتمد على المصادرات.

وفق سياق نصّك الجميل : إن "الجاذبية" ترمز للنموذج الكوني الذي يسمح بـ"القتل" أو بالأحرى "الانتخاب الطبيعي" ، أما حبل المشنقة فهو استخدام بشري لهذا النموذج "انتخاب صناعي" وبينهما يتم التفاعل المؤدي إلى القتل ، أي فعل بشري ، فهو من ناحية عقلانية فعلٌ مشترك بين الذات والموضوع.

فلسفة "الفداء" لها وقعٌ خاص على الناس ، لأنها تحرك فيهم رغبتهم الكامنة في التمرد على السلطة الزمنية ، وهي رغبة تسمو فوق كل عقل ممكن ، ولا سبيل إلى اجتثاثها نهائياً ، لذلك تعيش الأفكار التي يتم تقديم الحياة الدنيوية "الرغبات المتصارعة\الأنا المزيفة" في سبيلها ، وتأخذ نكهة المطلق وتعيش في رحابه.

رؤيتك لجاذبية الرفاه ، هي نفس رؤيتي لـ"رغبة الأمان\الثبات\العبودية" التي تتصراع مع رغبة التمرد ، هاتين الرغبتين يتم صياغة أسماء لانهائية لهما ، رغبة الأمان متعلقة مباشرة بالانتخاب الطبيعي.

آمل أن أكون قد أعطيتك ما رغبت به … وأهلاً بك دائماً …

______________________________________________________

 المَصادِر :

[1] Pekigese Head

2]سامي الذيب - 300 مليون إله عند الهندوس

[3] هل يعبد الهندوس 330 إلهاً؟ 5 خرافات عن الهندوس وآلهتهم

[4]A Surprising Result

[[5 بيان تلبيس الجهمية - ويكيبيديا

[6] الموسوعة العربية | التجريد

[7]Facets and Levels of Mathematical Abstraction

[8]Scientific Knowledge and Scientific Abstraction

[9] التجريد (علوم الكمبيوتر)

السبت، مارس 26، 2022

أنت عبد لغرائزك والدماغ أضعف من توقعاتك | أشهرُ الخرافات التي تروج باسم علم النفس الحديث


ما هي بعض الخرافات في علم النفس؟

  • الميول والتفضيلات الجنسية فطرية :

أغلب خرافات الناس خرافات حول الجنس والدافع الجنسي ، وأغلب تلك الخرافات قادِم من "التدينيين" و"التطوريين" ، وياللغرابة ، الاثنان بدآ يصبان في نفس التوجه شيئاً فشيئاً …

وابلٌ من المشاركات المروجة لآراء علم النَفس التطوري بخصوص الدافع الجنسي ، وهو من أكثر النظريات قلة في التغلغُل ضمن التجربة المباشرة للإدراك ، فهو من أكثر النظريات بُعداً عن التجذر في الأصول العلمية والفلسفية.

أحدُ أشهر هذه الآراء ، أن الذكور تجتذبهم مواصفات معينة في أجساد الإناث ، كمحاولة لحفظ النوع بأفضل ما يُمكن ، دون الدخول في التفاصيل المُملة ( التي ستراها على الانترنت في كُل مكان تقريباً ) ، قد غاب عن مروجي هذه الفكرة ، لسبب ما ، محاولة التعمق فيها والإجابة على الأسئلة التالية :

1. ما هو الجهاز الخاص بتوجيه الدافع الجنسي لهذه المواصفات ؟ (يُقال ) أحياناً ، أنه الجينات ، التي تتراكب وتؤثر على طريقة عمل الدماغ … طيب … لماذا تقوم جيناتٌ نشأت بتراكب احتمالي وعشوائي بتبني مثل هذه المعايير النموذجية في خدمة قيمة محددة ؟ لماذا يقوم الدماغ ( المُشبه بالزومبي والروبوت وفقاً للتطور في أغلب الأوساط الرسمية ) بتأطير حركته العشوائية وغريزته المنفتحة على كل الاحتمالات ؟ بكلمة أخرى : لما تَقبل تأثير العقل في عملية الانتخاب الجنسي ، وترفُض مشاركته في المراحل التي تسبقها ، كيف بررت وجود العقل إذن ؟

2. هل ثبُت حقاً أن الدماغ بحُكم تلافيفه وتضاريسه ، وهرموناته ، يوجه السلوك بشكل عام ، والسلوك الجنسي بشكل خاص ؟ لقد ثبُت ذلك في كتب دوكنز والطفرات العلمية الزائفة وبقية الPop-Science

، إلا أن ذلك لم يثبُت لي ، ولكي أُعرفك أكثر بطريقة عمل الدماغ ، فهو شبيه تماماً بالحاسوب ، الأشباك العصبية ، تتقد بفعل الصوديوم والبوتاسيوم (والكلور الموجه من قبلهما) ولا تقوم بأكثر من ذلك ، جميع الخلايا العصبية تعمل بنفس الطريقة تماماً ( اختلافات بسيطة ! ) وفكرة الخرائط الدماغية ، تتعلق بالحواس الخمس والتحكم بالجهاز الحركي ، بحُكم ارتباطات عصبية مباشرة بين تلك الخرائط وبين تلك الأعضاء ، لا أكثر ولا أقل ! أما أنماط الذاكرة والتفكير ، فيمكن لجميع الخلايا الدماغية أن تقوم بهما بنفس القدر من النجاح، وإذا قمتَ الآن بتعريض منطقة من دماغك لضربة كهربائية ، قد تستحث ذكرى معينة عفا عليها الزمان ، ونفس المنطقة ، ستستحث في المرة التالية ذكرى أخرى مختلفة تماماً ولا أيَّ رابط بينهما ، ليس هناك ما يدعو للقول بوجود "تناظر تطابقي" بين الوظائف المعرفية الإدراكية وبين الإجراءات العصبية المحلية ، هذه النظرية تُعرف باسم "الهولوغرام الدماغي" وفي رؤية البروفيسور نورمان دويدج عن اللدونة العصبية ، ستجد أموراً مشابهة وتكملة لما تم ذكره ، ستجد أن الأعمى ( بسبب تخريب منطقة الإبصار في قشرة الدماغ ) يُمكنه أن يستعيد البصر بتدريب المنطقة المجاورة وفقاً لطرقٍ معينة ، وهكذا تم بالفعل علاج حالات كثيرة من ضمنها سيدة لم تستطع يوماً أن تفهم الرياضيات ولا حتى أن تقرأ الساعة ! …

عودة للموضوع الرئيسي ، يشرح علم الرغبة كامل موضوع التفضيلات الجنسية ( بكل أشكالها ) وبطريقة بُرهانية متناغمة مع نفسها ومع الأصول الإدراكية للتجربة الحيوية ، السبب الحقيقي أيها الذكر في ميلك لمواصفات هندسية معينة في الأُنثى ، لا يتعلق بمدى إمكانية حفظ النسل ، حتى ولو كان أحدكما عقيماً لن يختلف الموضوع ، بل يتعلق بأنك ( وأنها ) تريد موضوعاً مناسباً لإشباع رغبتك بالسيادة عليه ، أو بالعبودية نحوه ، ولكي تجد موضوعاً مناسباً ل"تأويلك الخاص لتحقيق رغبتك - الذي تشكل عبر آلاف التجارب التي لا تتعلق بالجنس بشكل مباشر" حينها سيقتنعُ اللاشعور ، أن هذا الموضوع قد حقق الرغبة المطلوبة ، فيكافؤك ببعض المتاع القليل -لو كنتَ تعلم- ، هذا التأويل ، عند أغلب البشر ، يحتاج لموضوع مُشبع بالإمكانات ، وإلا فلا معنى لتحقيق السيادة عليه ( أو العبودية نحوه ) فأنت لا تنجذب نحو الصخور والأنهار جنسياً ليس لأنها لا تمتلك أدوات اتصال جنسي ، بل لأنك لا تفقه وعيها بشكل جيد ، ويراها عقلك غير واعية ، ويحتاج عقلك إلى "موضوع ذو وعي" لكي يُحقق "الاعتراف" وهو "غاية المُراد" من العملية الجنسية.

بدون الاعتراف ، لا تحصل على متعة ، وحتى الدُمى الجنسية ، يحتاج المُجانس لها إلى "تخيل اعترافها" على الأقل ، أما لو تعامل معها وفقاً للمعطى المباشر ودون تدخل العقل الباطن ، فثق تماماً بأن شهوته ستتبدد مباشرة … وبالنسبة للأنثى ، فسيكون اعترافها ذا قيمة أعلى كلما كانت إمكاناتها أعلى ، وسيُفضل الذكر "ما يؤله على أنه إمكانات" على تلك المواصفات الهندسية ، سترى ذلك بوضوح ، عندما تجد الأُنثى التي لا تستطيع بسط سيطرتك عليها واجتذابها ، وستفضلها ( ولو في باطن لديك ) على الأنثى الأكثر فتنةً وإغراءً إذا ما قامت بتقديم نفسها لك على طبق من ذهب.

فأيتها السيدة : أنت لا تحتاجين إلى مواصفات خارجية معينة ، بل إلى إثبات قدرتك التنافسية ( عندما تحاولين جذب شريك لا يؤمن بالخروج عن العقل ) ، عندما يُحس الذكر بأنك موضوع صعب لإشباع رغبته ، سيفعل الكثير للوصول إليك ، بغض النظر عن التفاصيل الأُخرى ( أياً كانت ). هو يحتاج أن يحس ب"اعتراف" وعيك بوعيه، وذلك رغم كونك تمتلكين القدرة على الرفض واختيار الآخر.

لماذا تعطي تلك المواصفات الهندسية إمكانات أعلى للأنثى ؟ المسألة تتعلق ب"مبدأ التناظر" وهو أحد المبادئ الاثناعشر الرئيسية التي توجه خارطة الأزمان والخَلق في الكون.

وهذه عينة من بعض الخُرافات الأخرى :

الإنسان يستخدم كامل دماغه يومياً وليس فقط 10% : 

الإنسان يستخدم فعلاً كامل الدماغ ، لكن أغلب تلك العمليات تتعلق بردود الفعل الانعكاسية ، لا العمليات المراقبة من قبل الإدراك الموضوعي ، إذا رغبت بدقة حقيقية فربما يفيدك أن تقرأ القَبس التالي :

"لكن الحقيقة تبقى هي الحقيقة ، وبالعودة إلى الدماغ ، سيتم التعرف إلى أنه أسرع بثمانمئة مليار مرة من الحاسوب الشخصي الحديث ، وذلك حسب المعادلة التي تقول أن عدد خلايا الدماغ الذي يبلغ حجمه 1.5 كغ ، هو بين 70 و90 مليار خلية[1]، في عدد الوصلات بين كل خلية والخلايا الأخرى وهو 10000 ، في عدد الإشارات الكهربائية لكل وصلة في الثانية وهو 10 ، يساوي عدد الإشارات الكهربائية بين كل الخلايا عبر كل الوصلات خلال ثانية واحدة وهو 8000000000000000 إشارة\ثانية ، وهي استطاعة الدماغ الكاملة ، تماما كما استطاعة الحاسوب الشخصي الكاملة هي بالمتوسط 10000 إشارة كهربائية في الثانية.

وكل من الحاسوب الشخصي والدماغ ، يستخدمان جزءاً صغيراً أو كبيراً من قدرتهما ولا يستخدمان كامل هذه القدرة ، ومع ذلك ، يحتمل أن يكون الدماغ أسرع بكثير من الرقم الذي وضعناه بسبب الطبيعة التركيبية لعمل الدماغ والوصلات العصبية\ فحسب رجورز بنروز ونظرية المعالجة العصبية الكمومية ، فلا حدود تقيد قدرة العالجة الدماغية لأنها تعتمد تقنيات وخوارزميات غير محلية.

رغم كل هذا ، إلا أن الحاسوب الشخصي يستطيع القيام بعملية حسابية لحدود مكونة من عشرات المنازل ، خلال ثوانٍ معدودة ، في حين أكثر الناس عاجزين عن القيام بعملية حسابية من مثل 1444/4 دون مضي أضعاف تلك الفترة السابقة ، وهذا السلوك ليس ذا طبيعة خوارزمية رقمية كما يفترض أن يعمل الدماغ. وسنرى أن ذلك مرده لعاملين أساسيين ، هما النموذج المعرفي الذي تم تصميمه من قبل اللاشعور ، والذي تدخل في عمله عوامل كثيرة مثل المقاومة النفسية والخوف، الإيحاءات ، العقد المعرفية ، وهذا النموذج بدوره يقوم بإدارة عمل العقل والدماغ على حد سواء ، أما العامل الثاني ، هو الوعي الموجه لكل من الدماغ واللاشعور ، والذي يختار نطاق التركيز الذي ينفق عليه الطاقة ، وهذه الأسباب في أن اثنين يملكان مستوى ذكاء شبه متطابق من جميع النواحي وحظيا بنفس مستوى التعليم ، أحدهما مصاب بمتلازمة العبقرية [2]، والآخر لا يستطيع حساب أبسط المعادلات ، حيث سيتضح مع تقدم البحث أن الأسباب في هذا نفسية بحتة ، بل وروحية إلى حد كبير. ومع أن متلازمة العبقرية غالباً ما تتلازم مع إعاقات عقلية ، إلا أن الكثيرين استطاعوا حيازة مثل تلك القدرات دون وجود إعاقة ظاهرة من أي نوع."

قدرة العقاقير والدروغز على حل المشكلات النفسية [3].

وإنني لأتساءل : لماذا يتم التخلي عن "تلك الصروح العظيمة" التي شكلت ذات يومٍ مدارس علم النفس ، التحليل النفسي ، المدرسة الاستبطانية ، المدرسة الترابطية ، الغستالت … يتم رفضها بطرفة عين ، ودون رفة عين ، بكل ما حوته من بنيان مرصوص ، وأناقة منطقية ، ويتم "الترويج" لمدارس نفسية أضعف بكثير ، بل لا تقوى على أن تنهض إلا ضمن دافع سيكولوجي لدى من يتبناها ؟ حقاً ، الحُكم الموضوعي مستحيلٌ على معشر البشر.

الهوامش والمصادر :

[1] The Human Brain in Numbers: A Linearly Scaled-up Primate Brain

[2] Savant syndrome - Wikipedia

[3] لم تعد الحقيقة أولوية.. هكذا تخلت الدراسات العلمية عن أمانتها

المشاركات الشائعة