شجرة الموقع

الثلاثاء، مايو 10، 2022

سر الرغبة في المعرفة : كيف تقودك رغبتك نحو الهجرة إلى المجهول

 

ما هو العلم … الرغبة

الجواب النهائي يتوقف على المعنى الذي تريد الوصول إليه ، أتريد أن تعرف ما هو العلم بالنسبة لمجموعة من الناس ، سواء كانوا يحترفون مجالاً مهنياً أو لا يحترفون ، أتريد أن تعرف ما هو العلم ، في حقيقته وبعيداً عن تواضع الناس ؟



قبل كل سؤال وجواب ... وقبل دخولك للمراكز المجتمعية التي تُطلِق عليها ألفاظاً محددة. قبل الجامعة، ودخولك للمدرسة ... قبل تلقي حصة العلوم الأولى، وقبل تعلمك للأبجدية والتلفظ بالكلمات بعضلة اللسان، قبل أن تحيا حياتك الحالية ... وتولد في نطاق مجتمعك وضمن ما يسمح به ... كيف كُنت تتعامل مع الحياة ؟ لماذا أدخلتَ كلمة العلم وما تعنيه منها إلى حياتك ؟ أين ومتى بدأ ذلك ؟..

هل اكتشفت معنى العلم ، من الاختبار المُباشر للحياة، كعنصر من عناصرها الرئيسية، كقيمة من قيمها الحيوية ... كأساسٍ لا غنى عنه لحياتك ؟ أم ، أنك ... تعرضت لتدخل خارجي وجهك نحو تكوين أفكار محددة عن واقعك ، وأصبحت تسير في هذا الواقع وعبر تلك الأفكار ؟

ماذا كان يريد الإنسان من حياته قبل أن يدخل عليه المجتمع ويطوقه بنطاق السلطة البعلية، حاجباً عنه التلاقي مع فطرة الحياة ؟ هل كان يريد الشهادة التي يعترف بها مجتمعه ؟ وماذا ستعني هذه الشهادة في مجتمع آخر لا يعترف بها ؟ وماذا ستعني هذه الشهادة في فضاء كوكبي خالي من المجتمعات ...

هل قيمة الإنسان تنحصر بنظرة المجتمع له، وتقييمه لشخصه وذاته، ومن أين يأتي المجتمع بمثل هذه المعايير، ولما على الإنسان أن يعبد معايير مجتمعه ؟ أولا يرغب الإنسان بالخروج من نطاق مجتمعه الضيق الذي يأسره في بلد معين، وعلاقات معينة، وتفاصيل معينة ... أولا يرغب بحيازة التفوق على سلطات المجتمع وتحقيق حريته ضمن مجتمعه ... ألا يرغب بالخلاص ؟.....

إذن، لما عليه أن يطيع سلطة المجتمع العالمي، ما الذي يعيق المرء من تكوين لغته الخاصة، وعلومه الخاصة، ومعاييره الخاصة، وتحقيق الحرية المطلقة ، والعبور من قيود الواقع الذي أمامه ...

لا تقل لي أنك لا ترغب بذلك، ولا تقل أن الأمر مستحيل ... إنك لم تجرب حتى، لقد تلقت الإنسانية تعليمات صارمة منذ صغرها ونعومة أظفارها، أن لا تفكر بالواقع إلا على هذا النحو، وأن تُهمل ما لا يتوافق مع النموذج القائم في العقل الجمعي لتفسير الواقع ، فصار كل ما يخرج عن هذا التفكير دجلاً وسحراً وخرافات وأساطير الأولين.

ولكن هل وافقت نفسك مسبقاً على المعايير التي تستخدمها في تقييم واقعك ؟ متى حدث أن وافقت ؟ عندما بلغت مبلغ العقلاء الحكماء، أم تم تطعيمك تلك المعتقدات منذ نعومة أظفارك وسنواتك الأولى على هذا الدرب الزمني العابر ... سائر البشر مطعمون بهذا النموذج الذي لا يفارق بالهم، البعض يخاف ...

يخاف من مواجهة الحقيقة التي قد تكون رهيبة وفائقة لقدرته على التحمل، فتراه يهرع إلى أقرب المسليات التي أمامه ليشغل بها عن وقته الثمين ... يخاف من نظرة المجتمع ، الذي فرض نفسه عليه ... يخاف من المجهول ، ومن تغيير الواقع أمامه ، يخشى أن تتمزق روابطه بهذا الواقع، كل ما بناه عبر السنين...

فيخسر رباط عنقه، ويخسر وظيفته وشهاداته، ومن يدري ماذا قد يخسر أيضاً، فكل ذلك بالنسبة له يبدو أهم من الحقيقة.. يترك الحقيقة والمطلق، ويترك معه الوجدان الحي، ليبيع نفسه بثمن بخس، كدمية للمجتمع، الذي يشتري رقبته ويربطها بقيد الوظيفة والاعتبارات، دون أن يسمح له بأخذ أي نفس من أنفاس الحرية.

تلك الحرية التي يحصرها المُجتمع بالتمرد على أنظمة الدولة والسياسة، عوضاً عن إنشاء نظام دولي جديد ... والحرية باختيار الهوية الجنسية والرغبة الجنسية وفق تصانيف المجتمع العالمي، عوضاً عن الحرية الحق، تلكم التحرر من ارتهان الجنس ضمن الجتمع... الحرية بالنقد الصحفي والإعلامي، وفق مقاييس المجتمع لهذا النقد، ووفق ما توفره الجريدة والمجلة، وما يوفره المال، عوض الحرية المُطلقة، التي لا تحتاج إلى مسايرة المدراء والحكام والظروف... حريتك، أن تتلقى التعليم الأكاديمي، لا أن تكتشف الحياة وتتلقى التنوير.

من الذي حدد القواعد والخوارزميات والأنظمة البرمجية للعلوم الطبيعية اليوم ... من الذي حدد صلاحياتها ومناهجها، من الذي حدد مجالات إمكاناتها وطرائق التحقيق فيها ... من الذي أحكم لها هذه الألفاظ اللغوية، وسماها بالعلوم ؟

عندما كنت طفلاً ، هل كنت لا تعلَمُ أي شيء... هل كنت جاهلاً ؟ ما معنى أن تعلم وأن لا تعلم ... هل يقتصر الأمر على عملية تخزين وتنظيم البيانات التي يتم رصدها من دائرة المحيط الحسي ؟

إذا كنتَ شجاعاً كفاية لتقول لا لمجتمعك، ولا لمقاييس هذا المجتمع، التي لا برهان عليها ... وأن تقول لا لكل ما يخالف رغبتك الحق، وندا الحق إليك ... نداء الحياة لأجلك ... نداء النور على عينيك، وصوت الزمن الجارح في أذنك ... حينها يمكنك أن تكمل القراءة حقاً ، وإلا فلن تكملها ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة