شجرة الموقع
‏إظهار الرسائل ذات التسميات علم التكوين الجيني. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات علم التكوين الجيني. إظهار كافة الرسائل

السبت، يونيو 04، 2022

النماذج : المصفوفة التي تحكم العالم - العلة الماهوية الجزء الأول

 

النماذج : المصفوفة التي تحكم العالم :

الماهية والفيزياء والوجود

كل مكان في فضاء الكون ، يسمح بوجود الكائن أو الفايروس فيه بشكل سكوني ، وحينما يبدأ التآثر بينه وبين طاقة موجهة نحوه ، يبدأ بالظهور ... وقبلها كان الفايروس موجوداً ولا يحتاج إلى أصل بيولوجي ينتسبُ له.

فكر بجهاز الجوال خاصتك ، وبآلة الخياطة مثلاً ... عندما تقوم بتفكيكها إلى قطعها الأولية ، وتفكيك تلك القطع إلى المركبات الكيميائية والذرات التي تكونها. تماماً كمكعب مكون من 27 مكعباً أصغر منه منتشرة في 3 خانات في كل عمود من 3 أعمدة في كل صف من ثلاثة صفوف :



إن هذا المكعب لم يخلقه البشر ، ولم تخلقه أنت حينما صنعته ، كل ما في الأمر أنك جمعت المكعبات المكونة له في شكل هندسي مكعبي ، وعندما تفكر من أين جاء هذا الشكل ؟ لقد فعلت ذلك في الفضاء المحيط بعوامل جسمك ويديك ، هذا الفضاء يحتوي هذا الاحتمال ، وأنت جسدت الاحتمال حينما جمعت المكونات التي يقتضيها تجسد الاحتمال.

قوانين الفضاء الفيزيائية نفسها تسمح بمثل هذا الترابط الكُتلي ، الذي يشغر هذا النطاق الفضائي ، وبنفس الوقت ، وبغض النظر عن وجود كتلة أو عدمها ، بإمكانك تصور مثل هذا المكعب وهو موجود في أي مكان وأي زمان عبر الكون ، وكذلك بإمكانك تصور عدد لانهائي من الأحجام والألوان وهي صفات متغيرة تلحق بماهية المكعب ... أما المكعب نفسه بوجوده الهندسي فهو ثابتٌ عبر الفضاء.

حتى إذا لم تكن هنالك كُتلة تشغر الحيز الفراغي أمامك ، بإمكانك التعرف إلى أن وجود المكعب في حال تجمع أجزاءه وتركبها بالطريقة المناسبة هو وجود ممكن ، والإمكان هنا يعني أنه احتمال قابل للتحقق عندما تتوفر العلل والمقتضيات المناسبة ، ولن تحتاج إلى برهان تجريبي لإثبات إمكان وجود المكعب في الفضاء أمامك ، يكفي تصوره أو تخيله.

بمعنىً آخر ، وجود هذا المكعب أو أي شيء آخر في مجال الإمكان محقق بغض النظر عن رأي الفيزياء ، لأن الفضاء الذي يحتويه هو فضاء مجرد عن المادة ، يسمى بفضاء التجريد ، والعالم المادي بكل قوانين الفيزياء التي يحتويها هو احتمال واحد يشغر ذلك الفضاء ، من ضمن احتمالات لانهائية عن عوالم فيزيائية وغير فيزيائية أُخرى.

حينما يتم وضع خطة عسكرية أو اقتصادية ، يتم تمثيل الأحداث في نطاق فضاء افتراضي ، وكلمة افتراضي غير دقيقة هنا لأنه قابل فعلاً للتحقق التام إذا تجمعت مقتضياته وشروطه ، إنه نفس الفضاء الذي تحدث فيه المعركة ومسيرة الشركة والدولة ، ولكن اختلاف التطابق يعود لاختلاف تركيبة المكونات وتسلسلها.

الكشف عن فضاء التجريد

 وجود النموذج في عالم المادة لا يمكن إثباته دون اختبار مباشر للنطاق المادي الممثل لذلك النموذج ، وهذا الاختبار يسمى بالمعرفة المادية الحسية. ولكن وجود النموذج في فضاء التجريد ( المجرد عن المادة ) لا يمكن اختباره بالطرق المادية ، لأن الموجودات المادية تحكي عن تقييد مجال النموذج في مصاديق ، كل منها فرد وحيد في نطاق مادي محدد بإحداثيات محلية ( هنا والآن في هذا الموقع المحلي ).

يمكن اختبار الوجود الماهوي للنموذج بطريقة واحدة وهي (الإدراك  التجريدي ) ودون ذلك لا مجال لمعرفة النموذج ، حتى أن الشاغر المادي دون نموذج ماهوي ينتسب له فإنه يفقد معناه تماماً ، فإذا انتزعت مادة القلم من نموذج القلم لا يعود قلماً ، وحتى أن القلم في واقعك المحلي هو أيضاً نموذج ، لكنه يصدق على حالة منفردة حيث تم تقييد النموذج الأصلي بقيد المحل الذي يشغره ، فهو نوع من النماذج أيضاً ( المادة هي نموذج مكثف الوجود ومقيد الحدود ).

يجب أن تعلم أن النموذج نفسه موجود سواءً رصدته أم لم ترصده في عالم المادة ، وإن رصدك له مادياً يعني تقييد الطاقة التي تتفاعل معها إدراكياً بالنموذج الذي ترصده مادياً.

الفضاء التجريدي يحمل المكعب في جوفه ، ولكن تجسيد المكعب مادياً معتمدٌ على مقدار اهتمامك والطاقة التي تبذلها لأجل ذلك ومدى فهمك للنموذج الذي تريد تجسيده وما هي الأدوات والنماذج التي ستستخدمها من أجل عملية التجسيد. الوجود المجرد للمكعب يمكن اختباره بإدراك ماهيته الواقعة في فضاء التجريد ، وهذه العملية تسمى بالتعقل وتسمى النماذج بالمعقولات عند الحديث عنها من حيث معرفة الإنسان بها ، مقابل المحسوسات المادية.

أي نموذج تتخيله أو تتصوره موجود في فضاء التجريد ، ولكن وجوده المادي يستلزمُ مقتضيات إضافية لكونه مجرداً ، ولذلك ليس كل ما تتخيله أو تتصوره موجود في عالم المادة لأنه ليس كل ما تتخيله أو تتصوره مناسب لنموذج هذا العالم الذي أنت فيه الآن وهو جزء متناهي الصغر من فضاء التجريد ، فما تريده أن يتحقق ضمن عالمك يجب أن يصدق عليه نموذج عالمك وليس الأمر كذلك بالنسبة لما يفوق عالمك ويتخطى إحداثياته نوعياً.

ربما يعترض البعض على تقديم نموذج مجرد عن المادة في إطار علمي ، ولكننا في النهاية لا نناقش موضوعاً مادياً بحتاً ، إنما نناقش تكوين الكينونة الزمنية للإنسان وهي أمر يتجاوز حدود المادة ، ولا يوجد تلازم بين هذا الأمر وبين النموذج المادي للعالم ، وافتراض أنه محصور في المادة هو نوع من العقدية المتطرفة في مجال علمي محايد ، وقد يقول البعض كيف يمكن التحقق التجريبي من شيء غير مادي ، وهنا أجيب أن التجربة أصلاً لا تثبت ولا تنفي أي شيء ، إنما هي توفر طريقة لإدراك النموذج المادي إدراكاً عقلياً وتجريدياً وهناك يحصل التحقق والحكم ، فإنك لا ترى الجينات في كل لحظة تتحدث بها عنها ( على سبيل المثال ). وهذا هو السبب في تقديم البرهان الفينومينولوجي على البراهين التجريبية المختبرية في علوم الكينياء.

بقي شيء واحد لم نناقش موضوعه بعد ، ما هي الإحداثيات التي ينتمي إليها النموذج التجريدي اللامحلي ؟

الأبعاد التجريدية وعلاقاتها النسبية وطرق قياسها من هذا المجال المحلي :

في مثال المُكعب ، كان القالب الأكبر هو الشكل الهندسي المكعبي ، والقالب الجزئي الأصغر هو المكعب المحلي الذي ترصده في موقع محدد ضمن المحل ... إن قالب المكعب الذي ليس مقيداً بإحداثيات محلية يخضع لنوع آخر من الإحداثيات يمكن أن نسميه بـ"إحداثيات هندسية مجردة" أو رياضيات بحتة. حيث يكون البعد الثالث ذو قيمة رياضية تمثلها مجموعة الأعداد الكلية وكافة الدوال والمتغيرات الرياضية ، بينما يحتفظُ ببعدين فقط ، وهذا يجعل تحديد موقعه في عالم ثلاثي الأبعاد مستحيلاً ، لأنه منسوج بتكوين كل كائنة من كائنات البعد الثالث ، ولذلك لا يمكن تمثيله على ورقة ومخطط من هذا العالم ، لأنه يفقد انتماءه المكاني بفقدان تحديد محل ضمن المكان، إن هذا يجعل من المهم التساؤل حول ما تعنيه الأبعاد حقاً ، فالصورة النمطية للأبعاد تصورها وكأنها مجموعة خطوط متلاقية ، وهذه في الحقيقة مجرد مصاديق للأبعاد ، لأن البُعد هو قطر لفضاء التجريد يحتوي نوعاً معيناً من الاحتمالات ، إذا توفرت ثلاثة أبعاد بنفس الوقت فسيكون الاحتمال الذي يشغرها ثلاثي الأبعاد ، أي له وجود محدد بثلاث آفاق إحداثية.

إذا كان يوجد في أفق ما من هذه الآفاق الثلاثة بشكلٍ نسبي ، فإنه سيشغل محلاً محدداً من ذلك الأفق ، بينما يكون ممتداً عبر كامل الأفقين الآخرين ، التواجد محلياً ونسبياً في ثلاثة آفاق يولد المكان الذي نعرفه ، والتفاعل والتآثر بين الكائنات المحلية يجعلنا نرصد الزمن الذي نحيا به في عالم رباعي الأبعاد ( ثلاثة آفاق للوجود وأفق للتفاعل والعلاقات التآثرية مع الاحتفاظ بقيم نسبية ).

المكعب اللامحلي ينتشر في كامل الفضاء المحلي ولذلك يكون بُعدٌ واحدٌ على الأقل محرر القيمة بالنسبة له ، ولأنه مُكعب فسيحتفظ بتحديد قيمتين في البعدين الأول والثاني : قيمة النسبة الهندسية بين الطول والعرض والعُمق لا تعطي قيمة المكعب الفضائية وموقعه عبر الأبعاد ، لأنه حتى وعند تحديدها يبقى مجرداً وصادقاً في جميع الزمكان المحلي، وهذا يعني أن الأبعاد ليست هندسية بطبيعتها ( ليست مجالات لكميات متصلة أو فضاءات تحتوي إحداثيات ذات قيمة رياضية ) لأنها تترجم بتلك الطريقة حين إسقاطها على واقعنا المحلي ، الذي يحتاج إلى تمثيلها بيانياً بالورقة والقلم ومعالج الرسوميات، وخارج هذا الإسقاط، وحين إهمال البُعد الثالث ، لا يوجد قيم رياضية يمكنها توصيف البعدين الآخرين ولا يمكن إدراكهما على ذلك النحو ، ولكن يمكن إدراكهما دون تمثيل بصري محدد ...

إن وجود البعد الثالث يسمح بتقييد فضاء البعدين الآخرين تجريدياً بمجال فضاء البعد الثالث ، وهذا يعني شيئين : إن البعد الثالث هو الذي يجعل الكائنات محلية ومحددة بثلاث إحداثيات ، وإن البعد بشكل عام هو قيدٌ على الموجود.

أما عندما ترسم بالقلم دائرة وتقول عنها أنها ثنائية الأبعاد ولذلك عالمك أكثرُ رحابة من عالمها المحدود ، فهذا لأنك تعاملت معها على أنها ثلاثية الأبعاد حين احتسابك للبعد الثالث بالقيمة "صِفر" عندما قمت بنسب الدائرة إلى حجرتك أو إلى الواقع الذي رسمتها فيه ، عالم ثلاثي الأبعاد ، لا يمكن أن يقع فيه كائنٌ ثنائي الأبعاد ، لأن الأول مقيد والثاني مُطلق من هذا القيد.

فالبُعدين الآخرين للمكعب النموذجي هما بُعدان تجريديان ، الكائن المحدد بهما يصدق على كل النطاق في كل بعد من الأبعاد الأدنى منهما والتي هي قيود عليهما.

بما أن البعد الثالث هو المحل ، فإن المكعب يبقى مكعباً ذو ثلاثة أقطار ، والفرق الوحيد أنه غير مرتسم بالمحل ، علاقة القطع الهندسية المشكلة للمكعب هي علاقة بين كائنات مجردة لا تقيدها المادة المحلية ، وهذه العلاقة الموحدة لعناصر المكعب هي موجودة بالكامل في بُعده الثاني فقط ، حين تُدرك أن البعد ليس هو الامتداد الهندسي، وأن كل تركيب هندسي مكون من امتدادات تناسبية هو ثنائي الأبعاد ، ويصبحُ ثلاثياً عندما تحاول تمثيله في عالمك المحلي ، فيتحول النموذج الفضائي إلى نموذج جديد لا علاقة له بالقديم ، وهو نوع من "الانبثاق" وليس نوعاً من التركيب ، فالتركيب يحدث ضمن نفس مستوى الإحداثيات ، أما الانبثاق فسيقط مستوى إحداثيات ضمن مستوىً آخر لتتحول دلالات الإحداثيات الأولى إلى شكل إحداثي مناسب للمستوى الجديد.

هذا الأمر معروف جيداً ومنذ القدم في علم الخرائط ، حين يتم مثلاً إسقاط القبة السماوية على جهاز معدني قادر على احتساب مئات المهمات الفلكية مثل الاسطرلاب وكرة العالم والساعة الفلكية.

التشابك الزمني والنماذج :

يعيد هذا الموضوع فكرة "التشابك الزمني" إلى الذاكرة... حين إطلاق فوتون ضوئي نحو الفضاء لحظة انشطاره إلى فوتونين ، فإن كل فوتون سوف يتخذ سلوكاً مناظراً لسلوك الفوتون الآخر ومكملاً له ، وكأنهما كانا شيئاً واحداً وانفصل إلى نصفيه ، هذا الأمر معتاد الوجود في الفيزياء ويسمى بالتشابك الكمومي.

ولكن حتى ولو تم إنهاء الفوتون أ والإبقاء على ب ، ثم اشتبك ب مع فوتون آخر وهو س ونتج عن ذلك تحول ب إلى ف وارتباط مساره الزمني ب س ، فإن الفوتون س سوف يتحول إلى مسار زمني مطابق لمسار أ الافتراضي ، بمعنىً آخر ف"سيملأ نموذجه" وبذلك ، بقيت المعلومات الإرشادية الخاصة بالفوتون أ وانتقلت إلى الفوتون س ، واتخذ س بذلك نفس نموذج أ بالضبط ، وهكذا تجلى نموذج أ الزمكاني بمجرد أن عبرت فيه طاقة  مرة أخرى ... كما أن هذا النموذج ممتد على كافة أرجاء الفضاء ، ولا ينتظر إلا طاقة تحمل إرشاداً لتشغيله.

الفايروسات تعمل بنفس الطريقة ، إنها ليست موجودة في المختبرات أو في اللقاحات ، إنها موجودة في كامل الفضاء المحلي ، لأنها بالأصل ليست محلية ، ولكنها تظهر محلياً للراصد المحلي.

هذا الموضوع كان يشكل خطراً شديداً على نظرة المرء للواقع ، فهو يعني أن الأشياء لا تُخلق في هذا المستوى الإحداثي من الوجود ، ولا حاجة لتفسير انتواعها بإحالته إلى الرؤية التراكمية ضمن المحل ، وقوانين التطور ليست مأسورة في المحليات ، وقوانين الانتخاب الطبيعي لا تسري فقط على عالم المحليات.

إن العالم المحلي يغدو إذن مجرد أثر شبحي للحقيقة الكامنة وراءه.

الأربعاء، مايو 25، 2022

أصول البشر لا تتعلق بالجينيوم والشمبانزي لا يمت لهم بصلة | حقائق صادمة من علم الجينات

1.    كامل مقدار الجينات والنيوكليوتيدات \ مسائل علم الأنساب :

 

لتعلم أن الجين الواحد يتكون من 1000 زوج نيوكليوتيدي كمعدل الوسط ، باستثناء بعض الجينات القليلة الأكبر بكثير أو الأصغر بكثير ، من بينها الجين الأطول الخاص بوظائف العضلات وهو بطول 2200000 زوج نيوكليوتيدي ، وقلة من جينات أخرى تزيد أطوالها عن العشرة آلاف نيوكليوتيد وتصل بضعة منها إلى أكثر من مئة ألف ،

بما أن الجينات ذات الترميز البروتيني لدى البشر تقدر بحوال 25 ألف جين ( لاحقاً 19200 ) ، فسيكون الناتج :

1000*25000=25000000 (25 Mbp)

وهو عدد الأزواج النيوكليوتيدية التي تؤثر مباشرة على التكوين الجسدي، في المقابل سيكون هنالك احتساب للجينات التي تحظى بكميات هائلة من تلك الأزواج كعوامل إضافية ، يمكن تقدير كل شيء بحوالي الضعف ، أي هنالك 50 Mbp رغم أن بعض التقديرات تحاول رفعه إلى 100 Mbp.

بينما يكون مقدار الجينيوم المعلوماتي أكبر بكثير :

3400000000 bp = 3400 Mbp = 3.4 Gbp

وذلك يعني أن نسبة الجينيوم الذي يرمز البروتين تساوي أقل من 3% من نسبة الجينيوم الكلي وقد تصل إلى1.5% أو أقل (في الحقيقة وصل تقديرها المعتمد الأخير إلى أقل من 1%).

ذلك هو عدد القواعد الوراثية الكلي في الحمض النووي ، وتلك أنسبة توزيعها الصحيحة ، وأما عدد النيوكليوتيدات داخل وخارج النواة فهو غير ذلك ، فهناك أيضاً الحمض النووي المرسال  RNAوالجين النووي القافز ، وهنالك كميات مضاعفة منها في محيط الخلية ترتبط بالفوسفات وتنتجها أشياء أخرى داخل الخلية كنوع من الوقود المختزن ، الذي لا يحتاج لأكثر من حرقه أو تكسير روابطه لتتحرر الطاقة. وتبلغ الكمية الكاملة حوالي مئات النيوكليوتيدات ، وذلك يشمل الجينات النواة ( المرمزة بروتينياً والتي لا ترميز بروتيني لها ) و كذلك التي تطوف حول نواة الخلية.

كيف تم احتساب عدد قواعد النيوكليوتيد ؟ الأمر بسيط وليس معقداً ، ففي مقدار معين من الطول الذي يستطيع المجهر رصده ، يمكن احتساب كمية تلك الجزيئات وفق ما تقوم به من تفاعلات وتوزيع تلك الكميات على أبعاد العينة المختبرة ، والنتيجة التي ستصل إليها أن كل 10 يوكليوتيدات متصلة يكون طولها قرابة 34 أنجُستروم ( ما يعادل 34 جزءً من أصل عشرة مليارات من المتر أو :  ) فيكون مليار زوج نيوكليوتيد مساوياً لثلث المتر تقريباً وباحتساب عوامل معينة وبما أن طول الشريط النووي للخلية البيولوجية متران ( تقريباً ) وفق معادلات توزيع المقادير الكيميائية للجزيئات المعنية ، فسيكون عدد الأزواج الجينية مقارباً 3.3 مليار.

ليست كل الكائنات كذلك ، ففي الذرة هناك ما يقارب 100 مليار نيوكليوتيد قاعدي ضمن نواة الخلية  100 Gbpبينما في بعض الجرذان هنالك 8 مليارات (8.5 Gbp) وفي قنفذ البحر هنالك 32 Gbp وقد وصلت بعض الكائنات الحية إلى  228 Gbpمن الحمض النووي وهو ما يعادل الحمض النووي البشري أضعاف المرات ، لو كان هذا الحمض النووي متوارثاً من الكائنات الأخرى فلا يجدر به أن يظهر بهذه الطريقة غير الطبوقة.

تكون المسألة أشد ما يكون لها من الوضوح في كائن بدائي جداً  ضمن سلسلة التطور وهو الأميبا دوبيوم Amoeba Dubium والذي يصل مقدار معلوماته الوراثية وفق بعض التقديرات إلى 670 مليار زوجاً نووياً قاعدياً (670 Gbp) وهي تعادل تقريباً مئتي ضعف الحمض النووي للإنسان، رغم بعض الشكوك في دقة الرقم ، ولكنه بالتأكيد يشير إلى زيادة فائقة. ذلك يشير بدقة إلى نتيجتين لابد منهما :

·        أولاً : لا علاقة لطول الحمض النووي بتراكم المعلومات عبر الأجيال التطورية.

·        ثانياً : طول الحمض النووي لا يزيد من مدى التطور الحيوي للكائن ، بل على العكس ، كلما كان الحمض النووي أقصر كان الكائن الحي أكثر تطوراً أو ارتقاءً في وظائفه الحيوية نفسياً وجسدياً ، ويبدو وكأن هذه النيوكليوتيدات ولسبب ما ، تعمل عمل القيود على الكائن ، التي تربطه بمحيطه وتمنعه من اختراقه نحو مستويات أعلى من سلم الارتقاء.

إنها لا تبدو ميزة على الإطلاق ، أن تمتلك حمضاً نووياً كبيراً وهائل الكمية ، بينما تعجز عن امتلاك أبسط متطلبات التفاعل الحيوي الذي يرضي النفس.

2.    التشابه بين الشمبانزي والإنسان :

1)     التحقيق في مسألة التشابه ...

تروج كثيراً تلك العبارة "الشمبانزي يتشابه مع الإنسان بنسبة 98% وأحياناً 99%" ... أغلب من يكررها هم في حقيقة الأمر ، لا يدرون ما يفعلون.

والأغرب أن أحداً من أكثر الناس أو أكثر المختصين الذين يرددونها ويتأثرون بها لم يكلف نفسه عناء البحث.

فهذه الأقوال ليست علماً دقيقاً ، وهي أقرب لنوع من الأدب الإعلامي الشعبي الذي يحجب الحقيقة بإعادة تأويل المعطيات.

كما علمت سابقاً يتكون الشريط الوراثي لدى الإنسان من 3 مليار زوج نيوكليوتيدي على الأقل ، ولكن المسوح الالكترونية التي جرت في التسعينات تمت على شريط قدره 1 مليون نيوكليوتيد فقط، وقد حددت المناطق الأكثر وضوحاً للشريط الوراثي بارتباطها بتعبير بروتيني وبذلك تم تقليص عينة المقارنة لحدود 25000 جين.

اختلاف بنسبة 0.1% في التطابق الجيني للترميز البروتيني بين فردين من أفراد الكائنات الحية، يعني الاختلاف في أقل من 50 Kbp أَي خمسون ألف زوج نيوكليوتيدي ، هذا الرقم كبير بالنسبة للخبرات البشرية المحدودة ، ولكنه لا يكفي للتحقيق في الأنساب ، ولا يكفي في التحقيق الجنائي ، لذلك ، يلجأ المعمل الجنائي إلى فحص قطع من كامل الجينيوم البشري ، وتعتمد البصمة الجينية على عينات من الجينيوم اللاكودي تماماً كما تعتمد الجينيوم الكودي ، بهذه الطريقة ، لا يكون التشابه الجيني الحقيقي بين إنسان وآخر 99.9% ، أحياناً قد يكون أقل من ذلك بكثير. وحتى فرق 0.1% يختلف نوعياً حين يحسب على طول الجينيوم الكامل ، وليس فقط على الجينات التي ترمز البروتين ، وكذلك الأمر مع الشمبانزي.

بالنسبة للقرد والشمبانزي ، لم يتم قياس التشابه الشهير بنسبة 98% بين الناس والقردة بنفس الطريقة التي تقاس بها الأنساب الإنسانية ضمن النوع البشري. لم يتم اعتماد كامل الجينيوم البشري والقردي ، لقد تم اللجوء إلى 25000 جين مبدئياً فقط، وهي نسبة غير معتمدة ولا تعطي أهمية حقيقية للأصول المزعومة. وحينما تم تكبير النسبة لتصبح 40000 صار الفرق 11-14% والتشابه 86-89%.

تم تعيين الجينات المرتبطة بالبروتينات فيما بعد لتكون ذات وظيفة ، وبقية الجينات ... حسناً، لنقل أنها "خُردة" هكذا صرحوا ، لأن الجسم مؤلف من بنيان بروتيني، فلابد إذن أن ما لا يتعلق بالبروتين بشكل واضح أمام المجهر، لا يتعلق بالجسد، وبالتالي، لا يتعلق بالإنسان من حيث وظيفيته.

ولذلك، يلجأ المحققون والمعمليون إلى تحليل ما يسمى الـ"Junk DNA" ، حيث تتلاشى التشابهات الكبيرة بين الناس، وتظهر السلالات بشكل صحيح أكثر، ومع ذلك، يتم إهمال هذه الجين اللاوظيفي – حد زعم الدارونية الحديثة – عندما تتم مقارنات شجيرات الأنواع.

من المهم ذكره أيضاً ، أن الشمبانزي لا يتشابه مع الإنسان بتلك الكمية الكبيرة من الجينيوم ذو الترميز البروتيني ( المقدرة ب98% أو 99% ) ، فهذه أيضاً مجرد إحصائية محددة أجريت في زمن محدد، وليست حقيقة مطلقة. هنالك إحصائيات أرجعت النسبة إلى أقل من ذلك ، بعضها إلى 96% وبعضها إلى 90% وبعضها 83-89% وهي النسبة الأكثر دقة حتى الآن، وحتى أنها وصلت إلى 70% في بعض الأحيان ، وذلك بحسب خوارزميات البرنامج المستخدم للمقارنة التفصيلية ، والطريقة المتبعة في المقارنات ، وأنماط التعقيد الجيني التي يتم أخذها بعين اعتبار في المقارنة.

وأغلب الإحصائيات الجديدة المخالفة للصورة الإعلامية العريضة، جاءت بعد تلك الصورة وبأجهزة وطرق أحدث في الظهور ، كحُكم محايد وموضوعي حقاً ، لا أجد أي تبرير منطقي لاستخدام إحصائية معينة ، وقديمة ، وترك بقية الإحصائيات الموثقة والتي قام بها رجال علم أيضاً ، فقط لأن الإعلام يدعم لسبب مجهول تلك الإحصائية الشهيرة ويغض النظر عن كافة النتائج المعارضة لها.

وأخيراً وحتى وإن تحقق التشابه المزعوم تماماً ، فذلك شيء ، والأصول الجينية شيء آخر ، لأن الأصل الجيني لا يعتمد فقط على البروتين المرمز والجينات التي تحكمه فعلى سبيل المثال، الفأر المخبري يتشابه مع الإنسان بنسبة 99% في الجينيوم الوظيفي وهي أكبر من نسبة التشابه مع جينيوم الشمبانزي قطعاً ، الموزة أيضاً بنسبة 60% ، الإسفنجة بنسبة 70%..... ذبابة الفاكهة بنسبة 70%.

المراجع :

Gunter, C., Dhand, R. Human biology by proxy. Nature 420, 509 (2002). https://doi.org/10.1038/420509a


Kellis M, Wold B, Snyder MP, Bernstein BE, Kundaje A, Marinov GK, Ward LD, Birney E, Crawford GE, Dekker J, Dunham I, Elnitski LL, Farnham PJ, Feingold EA, Gerstein M, Giddings MC, Gilbert DM, Gingeras TR, Green ED, Guigo R, Hubbard T, Kent J, Lieb JD, Myers RM, Pazin MJ, Ren B, Stamatoyannopoulos JA, Weng Z, White KP, Hardison RC. Defining functional DNA elements in the human genome. Proc Natl Acad Sci U S A. 2014 Apr 29;111(17):6131-8. doi: 10.1073/pnas.1318948111. Epub 2014 Apr 21. PMID: 24753594; PMCID: PMC4035993.


Tennyson CN, Klamut HJ, Worton RG. The human dystrophin gene requires 16 hours to be transcribed and is cotranscriptionally spliced. Nat Genet. 1995 Feb;9(2):184-90. doi: 10.1038/ng0295-184. PMID: 7719347


National Research Council (US) Committee on Mapping and Sequencing the Human Genome. Mapping and Sequencing the Human Genome. Washington (DC): National Academies Press (US); 1988. 2, Introduction. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK218247/





Tomkins, Jeffrey. “Genome-Wide DNA Alignment Similarity (Identity) for 40,000 Chimpanzee DNA Sequences Queried against the Human Genome is 86–89%.” Answers Research Journal 4 (2011): 233–234.https://answersresearchjournal.org/dna-similarity-chimpanzees-human/.

الأربعاء، مايو 11، 2022

حكمة خلاياك البيولوجية | [ بروس ليبتون ]

 

حكمة خلاياك هي بيولوجيا جديدة ستغير الحضارة بشكل عميق والعالم الذي نعيش فيه.

تأخذنا هذه البيولوجيا الجديدة من الاعتقاد بأننا ضحايا لجيناتنا، وأننا آلات كيميائية حيوية، وأن الحياة خارجة عن سيطرتنا، إلى واقع آخر... واقع حيث تتحكم أفكارنا ومعتقداتنا وعقولنا في جيناتنا وسلوكنا و الحياة التي نعيشها.

تعتمد هذه البيولوجيا على التدفق الشعوري، والبحوث العلمية الحديثة، مع إضافة بعض التصورات النموذجية الجديدة. العلم الجديد يأخذنا من ضحية إلى مسؤولين. نحن أقوياء للغاية في خلق الحياة التي نعيشها وكشفها. هذه في الواقع هي معرفة بالذات الحقيقة، وإذا فهمنا البديهية القديمة, 'المعرفة قوة' فإن ما بدأنا حقًا في فهمه هو معرفة القوة الذاتية.

هذا ما أعتقد أننا سنحصل عليه من فهم علم الأحياء الجديد.

فلتحلق في الفضاء الداخلي

نموذج رسومي للخلية الحية


كانت أول مقدمة لعلم الأحياء أحضرها في الصف الثاني.

أحضر المعلم مجهرًا ليرينا الخلايا وأتذكر كم كان مثيرًا. في الجامعة تحررت من المجاهر التقليدية إلى المجهر الإلكتروني وأتيحت لي فرصة أخرى للنظر في حياة الخلايا. الدروس التي تعلمتها غيّرت حياتي بشكل عميق وأعطتني رؤى حول العالم الذي نعيش فيه وأود أن أشاركها معك.

باستخدام المجهر الإلكتروني، لم أرَ الخلايا من الخارج فحسب، بل تمكنت من الاطلاع على تشريح الخلية الدقيق وفهم طبيعة تنظيمها وهياكلها ووظائفها. بقدر ما يتحدث الناس عن الترحال إلى الفضاء الخارجي ، كنت أطير في الفضاء الداخلي وأرى آفاقًا جديدة، وبدأت في الحصول على تقدير أكبر لطبيعة الحياة وطبيعة الخلايا ومشاركتنا مع خلايانا.

حوالي العام 1968، بدأتُ في استنساخ الخلايا الجذعية، وأجريت أولى تجارب الاستنساخ تحت إشراف الدكتور إيرف كونجسبيرج ، وهو عالم لامع صمم النماذج الأولية لمزارع الخلايا الجذعية. كانت الخلايا الجذعية التي أعمل وفق نماذجها تسمى myoblasts ( ميو يعني العضلات. بلاستس تعني الأسلاف أو الأصول ).

عندما كنت أضع الخلايا الخاصة بي ضمن أطباق المزرعة، مع الظروف الحيوية التي تدعم نمو العضلات، تطورت الخلايا إلى خلايا عضلية، والتي سننتهي إلى عضلات عملاقة متقلصة. وعلى الرغم من ذلك، إذا قمت بتغيير الوضع البيئي، فإن مصير الخلايا سيتغير. نبدأ مع نفس خلايا تكوين العضلات ولكن في ظروف حيوية مختلفة سيبدؤون حتمًا في تكوين خلايا عظمية.

إذا قمت بتغيير العوامل البيئية ثانية، تصبح تلك الخلايا خلايا شحمية أو دهنية. كانت نتائج هذه التجارب مثيرة للغاية لأنه في حين أن كل خلية كانت متطابقة وراثيًا مع خلايا تكوين اللحم، فإن مصير الخلايا كانت تتحكم فيه البيئة التي وضعتها فيها.

أثناء قيامي بهذه التجارب، بدأت أيضاً بتعليم الطلاب في كلية الطب بجامعة ويسكونسن ذلك الفهم التقليدي بأن الجينات تتحكم في مصير الخلايا. ومع ذلك ، في تجاربي ، تم الكشف بوضوح عن أن مصير الخلايا تتحكم فيه البيئة المحيطة بدرجة أو بأخرى. زملائي، بالطبع، كانوا مستائين من عملي. كان الجميع آنذاك في عربة السيرك المسماة ب"مشروع الجينوم البشري" ويدعمون قصة 'التحكم في الجينات والحياة'.

عندما كشف عملي كيف تغير البيئة الخلايا ، تحدثوا عنه كاستثناء للقاعدة.

الآن لدي فهم جديد تمامًا للحياة وقد أدى ذلك إلى طريقة جديدة لتعليم الناس عن الخلايا. عندما تنظر إلى نفسك ترى شخصًا مفرداً. لكنك إذا فهمت طبيعة هويتك، ستدرك أنك في الواقع مجتمع يضم حوالي 50 تريليون خلية حية. كل خلية هي فرد حي ، كائن حساس له حياته ووظائفه ولكنه يتفاعل مع الخلايا الأخرى حسب طبيعة المجتمع.

إذا تمكنت من تقليص حجمك إلى حجم خلية وإسقاط نفسك داخل جسدك ، فسترى مدينة مزدحمة للغاية تضم تريليونات من الأفراد يعيشون داخل جلد واحد. يصبح هذا مهمًا حينما نفهم أن الصحة تحدث عندما يكون هناك انسجام في المجتمع وأن المرض يحدث عندما يكون هناك تنافر يميل إلى كسر العلاقات المجتمعية الداخلية.

لذا ، رقم واحد ، نحن مجتمعات.

الحقيقة الثانية: لا توجد وظيفة خلوية واحدة في جسم الإنسان غير موجودة بالفعل في كل خلية. على سبيل المثال، لديك أجهزة مختلفة: الجهاز الهضمي، والجهاز التنفسي، وأجهزة الإطراح، والجهاز العضلي الهيكلي (الدعامة الحركية)، والغدد الصماء، والجهاز التناسلي، والجهاز العصبي، والجهاز المناعي ولكن كل واحدة من هذه الوظائف كامنة في كل خلية من خلاياك. في الحقيقة نحن مخلوقون وفق صورة خلية مفردة واحدة.

هذا مفيد جدًا لعلماء الأحياء لأنه يمكننا إجراء بحث على الخلايا ثم تطبيق تلك المعلومات لفهم طبيعة جسم الإنسان. كنت أقوم بتدريس ما يسمى بالنموذج الطبي ، ذلك التصور بأن البيولوجيا البشرية يمثل الإنسان فيها آلة بيولوجية تتكون من مواد كيميائية حيوية وتتحكم فيها الجينات.

لذلك عندما يأتي المريض لرؤية الطبيب ، فإن الاعتقاد السائد هو أن المريض لديه شيء خاطئ في الكيمياء الحيوية أو الجينات، والتي يمكن تعديلها ويمكن أن تقودهم إلى الصحة. في مرحلة ما أدركت أنه كان عليّ مغادرة الجامعة لأنني وجدت تناقضاَ كبيراً حول تعليم الطلاب الرسمي ما الذي يتحكم في الخلية، بعد أن فهمت شيئاً مختلفًا تمامًا عن الخلايا الموجودة في ثقافتي.

بدأت دراسات الخلايا المنقسمة في أوائل القرن العشرين ورأوا هياكل تشبه الأوتار كانت موجودة في عمق الخلايا التي تبدأ في الانقسام. كانت تسمى هذه الهياكل الشبيهة بالخيوط بالكروموسومات.

ومن المثير للاهتمام ، أنه بينما تم تحديد الكروموسومات حوالي عام 1900 ، لم نحدد فعليًا أي من مكوناتها يحمل السمات الجينية إلا في عام 1944. غدا العالم الجديد متحمساً جداً. قالوا ، يا إلهي ، بعد كل هذه السنوات وصلنا أخيرًا إلى تحديد المادة المتحكمة وراثيًا؛ يبدو أنه الحمض النووي.

في عام 1953 ، كشف عمل جيمس واتسون وفرانسيس كريك أن كل خيط من الحمض النووي يحتوي على سلسلة من الجينات. الجينات هي سجلات مكاتب المخططات التوجيهية لكل نوع من أكثر من 100000 نوع مختلف من البروتينات التي تشكل اللبنات الأساسية لبناء جسم الإنسان. فظهر عنوان يعلن عن اكتشاف واطسون وكريك في صحيفة نيويورك: 'اكتشاف سر الحياة' ومنذ ذلك الحين تم اختتام علم الأحياء في الجينات.

رأى العلماء أنه من خلال فهم الشفرة الجينية، يمكننا تغيير خصائص الكائنات الحية، وبالتالي كان هناك اندفاع كبير ومتهور في مشروع الجينوم البشري لمحاولة فهم طبيعة الجينات.

في البداية اعتقدوا أن هذه الجينات تتحكم فقط بالتشكل المادي ، ولكن حالما بدأوا في التلاعب بالجينات ، رأوا أن هناك أيضًا تأثيرات على السلوك والعاطفة. فجأة ، اكتسبت الجينات معنى أكثر عمقًا لأن جميع سمات وصفات الإنسان كانت تتحكم فيها على ما يبدو هذه الجينات.

هل نحن ضحايا الوراثة؟

ومع ذلك ، كان هناك سؤال أخير: ما الذي يتحكم في الحمض النووي؟

سيكون ذلك صعودًا لآخر درجة من السلم لمعرفة هوية المسيطر في النهاية. لقد أجروا تجربة وكشفت أن الحمض النووي مسؤول عن نسخ نفسه!

يتحكم الحمض النووي في البروتين ويمثل البروتين أجسامنا. في الأساس أنت تقول أن الحمض النووي يتحكم في الحياة. هذه هي "العقيدة" المركزية. إنه يدعم مفهوم يسمى 'أسبقية الحمض النووي' الذي يقول : من نكون وماذا سنفعل وما مصير الحياة التي نعيشها أمرٌ مُبرمج مسبقًا بشكل فعلي في طيات الحمض النووي الذي تلقيناه عند الحمل.

ما هي نتيجة هذا؟ أن شخصية ومصير حياتك يعكسان الوراثة التي ولدت فيها ؛ أنت في الواقع ضحية الوراثة. على سبيل المثال ، نظر العلماء إلى مجموعة من الأشخاص ، وقاموا بتقييمهم على أساس السعادة وحاولوا معرفة ما إذا كان هناك جين مرتبط بأولاءك الأشخاص السعداء لم يكن نشطاً في خلايا الأشخاص غير السعداء. من المؤكد أنهم وجدوا جينًا معينًا يبدو أكثر نشاطًا في الأشخاص السعداء.

ثم قاموا على الفور بإصدار إشارة إعلامية كبيرة حول "اكتشاف جين السعادة".

بامكانك أن تقول، "حسنًا ، انتظر لحظة. إذا حصلت على جين سعيد مبتذل، فستكون حياتي كلها محددة سلفاً. أنا ضحية وراثتي". هذا هو بالضبط ما نعلّمه في المدرسة وهذا ما كنت أقوم بتدريسه أيضًا - أن الناس لا يملكون القدرة على إدارة حياتهم لأنهم لا يستطيعون تغيير جيناتهم. لكن عندما يدرك الناس طبيعة كونهم عاجزين ، فإنهم يبدأون أيضًا في أن يصبحوا غير مسؤولين.

"حسنًا ، انظر ، يا رئيس ، أنت تدعوني كسولًا ولكني أريدك فقط أن تعرف أن والدي كان كسولًا. ماذا تتوقع مني؟ أعني ، جيناتي جعلتني كسولًا. لا يمكنني فعل أي شيء حيال ذلك".

كتبوا مؤخرًا في Newsweek عن كيفية قيام الخلايا الدهنية بشن حرب على صحتنا. إنه أمر مثير للاهتمام لأنه في وباء السمنة – الذي يسمح بأبعاد تجارية – يتراجع العلم ويقول: إن الخلايا الدهنية هي التي تشن حربًا على حياتك.

مشروع الجينوم البشري

ليأتي مشروع الجينوم البشري وينقذنا ، دخل عالمنا.

كانت فكرة المشروع هي تحديد جميع الجينات التي يتكون منها الإنسان. سيوفر ذلك فرصة مستقبلية للهندسة الوراثية لتصحيح العلل والمشاكل التي يواجهها البشر في هذا العالم. اعتقدتُ أن المشروع كان جهدًا إنسانيًا ولكن كان من المثير للاهتمام فيما بعد أن اكتشف من "بول سيلفرمان" ، أحد المهندسين المعماريين الرئيسيين لمشروع الجينوم البشري هذا ، ما كان يدور حوله بالفعل.

كان الأمر ببساطة كالتالي: قُدر أنه سيكون هناك أكثر من 100000 جين في الجينوم البشري لأن هناك أكثر من 100000 بروتين مختلف في أجسامنا ؛ بالإضافة إلى وجود جينات لا تصنع البروتينات ولكنها تتحكم في الجينات الأخرى.

تم تصميم المشروع واقعياً من قبل أصحاب رؤوس الأموال. لقد توصلوا إلى أنه ونظراً لوجود أكثر من 100000 جين، فإنه ومن خلال تحديد هذه الجينات ومن ثم تسجيل براءات اختراع لتسلسل الجينات، يمكنهم بيع براءات اختراع الجينات لجهات صناعة الأدوية وستستخدم تلك الجهات هذه المعلومات عن الجينات في إنتاج منتجات صحية.

في الواقع ، لم يكن البرنامج فعليًا للنهوض بالدولة الإنسانية ، بقدر ما كان من أجل جني الكثير من المال.

هنا هو الجزء الممتع.

عرف العلماء أنه كلما تقدمت في سلم التطور البيولوجي ، فإن الكائنات الحية البسيطة لديها حمض نووي أقل وعندما تصل إلى مستوى البشر، ومع تعقيد الفيزيولوجيا (علم وظائف الأعضاء) والسلوك، يكون لدينا الكثير من الحمض النووي. لقد اعتقدوا أن الكائنات الحية البدائية ربما تحتوي على بضعة آلاف من الجينات ، لكن البشر سيحصلون على ما يقرب من 150 ألف جين ، مما يعني 150 ألف دواء جديد.

بدأ المشروع في عام 1987 وأثبت مرة أخرى أنه عندما يجمع البشر رؤوسهم معًا، يمكنهم صنع المعجزات. في حوالي أربعة عشر عامًا فقط حصلنا على نتائج الجينوم البشري. كان هذا أيضًا ما أسميه مزحة كونية.

كبادئة لمشروع الجينوم البشري، درسوا أولاً كائناً بدائياً، وهو دودة صغيرة بالكاد يمكن رؤيتها بالعين"الدودة المستديرة". كانت هذه الديدان حيوانًا تجريبيًا لعلماء الوراثة لأنها تتكاثر بسرعة كبيرة وبأعداد كبيرة جدًا وبالتالي تعبر عن سمات يمكنك دراستها بسهولة.

اكتشفوا أن هذا الحيوان الصغير لديه جينوم من حوالي 24000 جين. ثم قرروا عمل نموذج جيني آخر قبل الإجراءات على الإنسان وكان ذلك مع ذبابة الفاكهة بسبب الكم الهائل من المعلومات المتاحة بالفعل عنها في علم الوراثة ، وعن سلوك ذباب الفاكهة. وتبين مرة أخرى أن جينوم ذبابة الفاكهة يحتوي على حوالي 18000 جين فقط. بمعنى آخر، كانت الدودة البدائية تحتوي على 24000 جين وكان لهذه الآلة الطائرة 18000 جين فقط! لم يفهموا ما يعنيه ذلك ، لكنهم وضعوه في الخلف وبدأوا العمل في مشروع الجينوم البشري.

جاءت النتائج في عام 2001 وكانت بمثابة صدمة كبيرة:

يوجد في الجينوم البشري حوالي 25000 جين فاعل فقط ؛ لقد توقعوا ما يقرب من 150000 جين وكان هناك حوالي 25000 فقط!

لقد كانت صدمة لدرجة أن الناس لم يتحدثوا عنها في الواقع. بينما كان هناك الكثير من الضجيج حول إكمال مشروع الجينوم البشري، لم يتحدث أحد عن 100000 جين مفقود. كان هناك نقص كامل في المناقشة في المجلات العلمية حول هذا الموضوع. لقد تم كتمانه بطريقة التجاهُل !...

عندما أدركوا أنه لا يوجد ما يكفي من الجينات لتفسير التعقيد البشري، فقد تزعزعت أسس علم الأحياء.

لماذا هو مهم جدا؟

إذا كان العلم يتوافق مع على الطريقة التي تعمل بها الحياة حقاً، فسيكون هذا العلم جيدًا للاستخدام في الممارسة الطبية. ولكن إذا أسست علمك على معلومات خاطئة ، فقد يكون هذا العلم ضارًا بالممارسة الطبية. من الحقائق المعترف بها الآن أن الطب الألوباثي التقليدي، الطب الأساسي الذي نستخدمه في الحضارة الغربية ، هو سبب رئيسي للوفاة في الولايات المتحدة. كما أنها مسؤولة عن وفاة واحدة من كل خمسة في أستراليا.

في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية ، كتبت الدكتورة باربرا ستارفيلد مقالاً يكشف أنه من خلال التقديرات المحافظة ، فإن ممارسة الطب هي السبب الرئيسي الثالث للوفاة في الولايات المتحدة.

على الرغم من ذلك ، هناك دراسة أحدث أجراها غاري نول (الموت عن طريق الطب - راجع : Death by Medicine)، أظهرت أنه عوض افتراضه بمنزلة السبب الرئيسي الثالث للوفاة، فهو في الحقيقة السببُ الرئيسي الأول حيث يموت أكثر من ثلاثة أرباع مليون شخص بسبب العلاج الطبي كل عام.

إذا كان الطب يعرف بالفعل ما يفعله، فلن يكون هذا مميتًا.

لقد تركت الجامعة عام 1980 ، قبل سبع سنوات من بدء مشروع الجينوم البشري لأنني كنت أدرك بالفعل أن الجينات لا تتحكم في الحياة. كنت أدرك أن البيئة كانت مؤثرة، لكن زملائي نظروا إلي على أنني لست متطرفًا فحسب، بل زنديقًا لأنني كنت أتعارض مع العقيدة؛ لذلك أصبح طرحي العلمي هذا "حجة دينية".

في مرحلة ما ، دفعني التدين الذي كنت فيه إلى الاستقالة من منصبي. هذا عندما بدأت في التقدم في فهم وظائف المخ وعلم الأعصاب. ما كنت أحاول اكتشافه حقًا هو أنه إذا لم يكن الحمض النووي هو الذي يتحكم في الخلايا ، فأين هو 'دماغ' الخلية؟

الكمبيوتر الداخلي

كشفت البيولوجيا الجديدة أن دماغ الخلية هو أيضاً جلدها (الجدار) ، والغشاء وبداية الجزء الداخلي للخلية، والعالم الذي يحيط بها، المتغير باستمرار والذي نعيش فيه.

إنه العنصر الوظيفي الذي يتحكم في الحياة. هذا مهم لأن فهم وظيفتها يكشف أننا لسنا ضحايا جيناتنا. من خلال عمل غشاء الخلية يمكننا في الواقع التحكم في تكوين جيناتنا وسائر بيولوجيتنا وحياتنا، ونحن نفعل ذلك طوال الوقت على الرغم من أننا نعاني من ذلك الاعتقاد بأننا ضحايا.

بدأت أدرك أن الخلية عبارة عن شريحة معالجة وأن النواة كانت عبارة عن قرص صلب به برامج. كانت الجينات برامج. عندما كنت أكتب هذا على جهاز الكمبيوتر الخاص بي ذات يوم أدركت أن جهاز الكمبيوتر الخاص بي يشبه الخلية. كان يحتوي على برامج مضمنة فيه ولكن ما يعبر عنه الكمبيوتر لم تحدده البرامج. تم تحديده من خلال المعلومات التي كنت أنا ، بصفتي البيئة المحيطة ، أدخلها للقرص الصلب عبر لوحة المفاتيح. فجأة سقطت كل القطع في مكانها:

"غشاء الخلية هو في الواقع شريحة حاسوبية لمعالجة المعلومات. جينات الخلية هي القرص الصلب بكل الإمكانات. هذا هو السبب في أن كل خلية في جسمك يمكن أن تشكل أي نوع من الخلايا لأن كل نواة تحتوي على جميع الإمكانات للجينات التي يتكون منها الإنسان."

ولكن لماذا يجب أن تكون خلية ما من الجلد والأخرى للعظم أو للعين؟

الجواب ليس بسبب برامج الجينات ولكن بسبب ردود الفعل الجينية على المعلومات الآتية من البيئة. فجأة صدمني الأمر الأكبر : ما يجعلنا مختلفين عن بعضنا البعض هو وجود مجموعة فريدة من مفاتيح البروتين (المستقبلات) التي تشكل لوحة المفاتيح على سطح خلايانا. وأنها تستجيب - كمفاتيح لتكوين الهوية على غشاء الخلية - للمعلومات المرسلة من المحيط البيئي.

أكبر 'آهاا!' كان هذا : أن هويتنا الجسدية هي في الواقع معلومات تختص بها إشارات بيئية محددة، يتم تفعيلها من خلال لوحة المفاتيح البروتينية التي على سطح خلايانا (التي تستجيب للإشارات وترسلها نحو النواة) وتشارك هذه المعلومات في تكوين وتشغيل برامجنا الجينية؛ أنت لست داخل خليتك، أنت تلعب بخليتك باستخدام لوحة المفاتيح كواجهة تفاعلية. أنت هوية معلوماتية تستمد فاعليتها من استثارات البيئة ( التي تشكل أنت قطباً فيها).

في أيام شبابي ، لم أكن أرى أن الدين يقدم لي الحقيقة. ابتعدت عن الروح وانتهى بي الأمر في العلم.

إن إدراك أن هويتي البيولوجية كانت شيئًا من البيئة الحية التي تلعب بخلاياي وتشغلها ، كان أكبر صدمة لعالمي لأنني قذفت كلياً من واقع غير روحاني إلى وجوب الوجود الروحي. لقد كانت خلاياي مثل أجهزة التلفزيون الصغيرة ذات الهوائيات وكنت أنا البث الذي يتحكم في قراءة الجينات.

كنت في الواقع أبرمج خلاياي. أدركت أنه إذا ماتت الخلية ، فهذا لا يعني بالضرورة فقدان البث - أن البث موجود سواء كانت الخلية هنا أم لا. فجأة أصابني الشعور بالرهبة العميقة. ما أدركته هو أن البقاء على قيد الحياة لم يكن بهذه الأهمية لأن شخصيتي الأبدية مشتقة من بعض البث الجزئي في هذا المجال. ولقد اختفى الخوف من الموت.

كان ذلك قبل حوالي خمسة وعشرين عامًا وكانت واحدة من أروع التجارب وأكثرها تحررًا التي مررت بها على الإطلاق.

التصور : قدرات علم البيولوجيا الجديد

نحن ندرك البيئة ونقوم بتعديل بيولوجيتنا، لكن ليست كل تصوراتنا دقيقة. فإذا كنا نعمل في ظل سوء الفهم ، فإن تلك المفاهيم الخاطئة ستوفر تعديلاً خاطئاً لتكويننا البيولوجي. عندما تكون تصوراتنا غير دقيقة ، يمكننا في الواقع تدمير حياتنا البيولوجية.

لأن المعلومات المرسلة نحو الجينيوم الذي يحتوي طرق معالجتها، ليست معلومات فيزيائية التكوين وإنما هي محمولة على وسائط فيزيائية لترميزها بطريقة يمكن للجينيوم أن يعالجها، وكذلك المعلومات في نواة الجينيوم، هي غير فيزيائية، ولذلك من الممكن تغييره وتعديله دون الدخول في تكوينه الفيزيائي.

عندما نفهم أن الجينات هي مجرد مستقبلات ومعالجات للمعلومات الآتية من البيئة ومن المحسوسات التي يمكن لغشاء الخلية أن يتعامل معها، عندها يمكننا أن ندرك أنه إذا لم تكن الحياة تسير على ما يرام، فإن ما يتعين علينا فعله ليس تغيير جيناتنا بل تغيير مدخلاتنا الحسية والنفسية على هذه الجينات. هذا أسهل بكثير من تغيير الجسم جسديًا. في الواقع ، هذه هي قوة علم الأحياء الجديد: يمكننا التحكم في حياتنا من خلال التحكم في تصوراتنا.

نحن نحمل 'ثوابت' على عاتقنا عن العلم هي في الواقع غير صحيحة ، إنها في الواقع 'افتراضات' وافتراضات خاطئة في هذا الصدد. إلى أن نصححها ، فإننا نسيء فهم علاقتنا بالكوكب والطبيعة والبيئة.

نتيجة لذلك فإننا ندمر ما وفر لنا من الحياة ، البيئة.

الافتراض الخاطئ الأول هو أن الكون مكون من مادة ويمكن فهمه من خلال دراسة المادة. لم يعد تصورنا لبيولوجيا وبيئة المواد قط دقيقًا علميًا.

افتراض آخر هو أن الجينات تتحكم في الحياة.

إن تصوراتنا في الواقع هي التي تتحكم في الحياة ومن خلال تغيير تصوراتنا يمكننا التحكم في حياتنا. سأناقش المزيد حول هذا لاحقًا.

الافتراض الثالث هو افتراض خطير للغاية:

أننا وصلنا إلى هذه المرحلة من تطورنا باستخدام آليات النظرية الداروينية ، والتي يمكن تلخيصها على أنها "بقاء الأصلح في النضال من أجل الوجود".

اتضح في علم الأحياء الجديد أن التطور يقوم على التعاون والتفاعل (وليس على التحدي).

حتى يحين وقت نفهم ذلك جيداً، سنستمر في التنافس مع بعضنا البعض، ونكافح وندمر الكوكب دون أن ندرك أن بقاءنا هو في التعاون وأن تنافسنا المستمر هو ناقوس موت الحضارة الإنسانية.

مستقبل الطب



يُفهم الآن أن كل شيء في الكون مصنوع من الطاقة؛ بالنسبة لإدراكنا ، يبدو ماديًا وصلبًا ، ولكن واقعياً هو كلياً طاقة – مجردة – وتفاعل طاقات.

عندما تتفاعل في بيئتك ، فأنت تمتص الطاقة وترسلها في نفس الوقت. ربما تكون أكثر دراية بمصطلحات مثل 'المشاعر الجيدة' و 'المشاعر السيئة'. تلك هي الموجات التي نهتز فيها جميعاً. نحن كلياً طاقة.

تعكس الطاقة في جسمك الطاقة من حولك لأن الذرات الموجودة في جسمك ليست وظيفتها الوحيدة هي السماح بانطلاق الطاقة فحسب ، بل أيضاً تستوعب وتمثل الطاقة. كل كائن حي يتواصل مع هذه التآلفات.

تتواصل الحيوانات مع النباتات؛ يتواصلون مع الحيوانات الأخرى. يتحدث الشامان إلى النباتات ذات الاهتزازات. إذا كنت حساساً للاختلافات بين الاهتزازات 'الجيدة' و'السيئة'، فستقود نفسك دائمًا إلى الأماكن التي من شأنها أن تشجعك على البقاء ، ونموك ، وحبك ، وما إلى ذلك ، والابتعاد عن المواقف والأماكن التي قد تأخذك لمن يسغلونك أو تلغي هويتك.

عندما لا نهتم بطاقاتنا الاهتزازية، فإننا نفقد أهم القراءات من بيئتنا. يوضح فهم الفيزياء الجديدة أن جميع الطاقات متشابكة وتتفاعل مع بعضها البعض. لذلك، يجب أن تنتبه إلى هذه القوى غير المرئية هي التي تشارك في ما يجري في حياتك. في حين أن الطب لا يقوم بتدريب أطبائه على إدراك أن الطاقة مكون من مكونات النظام ، إلا أنهم يتكيفون بسهولة مع استخدام أنظمة المسح الجديدة لتحديد ما يجري داخل الجسم.

من المضحك أنهم يقرؤون عمليات المسح على أنها "خرائط" ، لكن ليس لديهم فهم أساسي حولها ، ذلك بأن خرائطهم عبارة عن قراءات مباشرة لـ"الطاقة" الموجودة في الجسم.

على سبيل المثال ، في التصوير الشعاعي للثدي الذي يكشف عن السرطان ، يتمثل أحد الأنواع في أنك تتخيل انبعاثًا مميزًا للطاقة الخاصة بالسرطان.

بدلاً من التخلص الألوباثي من السرطان ، ماذا لو طبقت طاقة من شأنها، وبحسبان أنماط التداخل، أن تغير طاقة تلك الخلايا السرطانية وتعيدها إلى الطاقة الطبيعية؟

من المفترض أنك ستحصل على تأثير الشفاء. سيكون هذا منطقيًا بعد آلاف السنين مما يسمى "الشفاء العملي". يحصل المتلقون على طاقة تتفاعل مع أجسامهم من خلال التداخل وبحسبان هذا التداخل ، مما يغير طبيعة الطاقة المنعكسة الظاهرة كالمادة الفيزيائية لأن المادة هي الطاقة.

هذا هو مستقبل الطب، رغم أننا لسنا معه في الوقت الحالي. يكشف علماء فيزياء الكم أنه تحت البنية الفيزيائية الظاهرية لا يوجد أكثر من طاقة، فنحن كائنات طاقية. هذا يعني أننا نتفاعل مع كل شيء في هذا المجال. هذا له تأثير مهم على الرعاية الصحية. تكشف فيزياء الكم  أيضًا أن الطاقات في عالمنا متشابكة دائمًا مع بعضها البعض. وذلك في كون الطاقة ، تسمح بتدفق الموجات دائمًا وتتفاعل مع جميع الموجات الأخرى.

لا يمكننا أبدًا فصل شخص ما تمامًا عن البيئة التي يعيش فيها. تقول فيزياء الكم أن الطاقة غير المرئية أكثر كفاءة بمئة مرة في نقل المعلومات من الإشارات المادية (مثل الأدوية).

ما بدأنا ندركه هو أن هنالك عالمًا غير مرئي لم نتعامل معه فيما يتعلق بفهم طبيعة صحتنا. بعبارة أخرى ، بدلاً من التركيز على المادة ، نركز في عالم الكم على الطاقة. قلنا في العالم الميكانيكي أنه يمكننا فهم كل شيء بالاختزال. لكن في الفهم الكمي الأحدث للكون ، علينا أن نفهم الشمولية – التفاعلية – : لا يمكنك فصل اهتزاز طاقة عن اهتزاز طاقة آخر. علينا أن ندرك أنه في العالم الذي نعيش فيه ، نحن متورطون في عدد غائر لا يسبر إحصائياً من موجات اهتزازات الطاقة ونحن مرتبطون ومتحدون بها جميعًا!

هنا تعريفي للبيئة:

إنها كل شيء من جوهر وجودك إلى حافة الكون. يشمل كل شيء على مقربة منك وكذلك الكواكب والشمس وما يجري في النظام الشمسي بأكمله. نحن جزء من هذا المجال بأكمله.

لتلخيص أهمية هذا ، اسمحوا لي أن أقدم لكم اقتباس من ألبرت أينشتاين:

"المجال الطاقي هو المنظمة الحاكمة الوحيدة على الجسيم."

ما يقوله هو هذا: المجال، الطاقة غير المرئية، هي الوكالة الوحيدة الحاكمة للواقع المادي.

_____________

ملخص القسم الأول :

أفكار علم التكوين الجيني الرئيسية

1) يتم فهم الجسم على أنه وحدة خلوية هائلة، بحيث ترتد كل وظائفه وعملياته الكبيرة إلى وحدات خلوية صغيرة.

2) ويتم فهم هذه الوحدات الخلوية على أنها غير متمايزة في التكوين العميق، وأن تكوينها الظاهري الممثل بالنواة والعضيات والجدار والغشاء وبقية الاجزاء، ليس هو بنيتها الحقيقة وإنما هو تابعٌ لتلك البنية ومن هنا فمن الممكن تغيير هذا التكوين ووظائفه بتغيير البنى العميقة للخلايا.

3) البيئة التفاعلية ترسل الطاقة الموجهة نحو الجينات، الجينات هي تعبير رمزي عن وحدات طاقية لمعالجة المدخلات الطاقية الجديدة، الحقيقة الوحيدة في الخلية هي الطاقة المُجردة، التفاعل الناتج من مجالي الطاقتين ( المدخلات والجينات ) يمكن أن يغير الهيئة الظاهرية لتلك الوحدات ( تتغير الجينات ) وما يلحقها ( تتغير البروتينات والأنسجة ووظائف الأعضاء ).

4) هذا الأساس الفيزيائي المستوحى من ميكانيك الكم، يسمح بتغيير أي برنامج وراثي مسبق ضمن حامله نفسه وقبل حدوث ولادة جديدة أو طفرة ما، وذلك بمجرد تغيير التواتر الموجي المرسل نحو الشريط الجيني النووي.

5) لماذا يأخذ هذا النسق التراتبي للجينيوم هذه المعاني بالذات ؟ يبدو أن لكل نسق تراتبي للقواعد الجينية نوعاً خاصاً من التعبير، وبالتالي فهو يعبر عن نوع خاص من توجيه الطاقة، المصفوفة الكودية التي توجه الطاقة هي المسؤولة عن هذا الترتيب الذي ما هو إلا رمزاً للواقع الأعم والأكثر تفوقاً تم إنتاجه في هذا النطاق الفضائي المحدود.

__________________


المصدر : القسم الأول من حكمة خلاياك_بروس ليبتون

بروس ليبتون :

بروفيسور مجاز في علم الأحياء التطوري من جامعة فيرجينيا... شغل منصب التدريس وأشرف على البحوث، وتطور الأمر معه حتى وصل لنظريات جديدة على النموذج الطبي والبيولوجي على نحو متطرف في الخروج عن المألوف، ترجمة أعماله إلى اللغة العربية هي حاجة ماسة لمجتمعاتنا لتواكب آخر التطورات الصحيحة للببحوث العلمية في علوم الوراثة والتكوين البيولوجي بعيداً عن ما يسلط عليه ضوء الإعلام.

حملت نظريات كثيراً من آفاق التغيير في مفاهيم التطور، والوراثة، والطب، ورغم ذلك فقد حورب إعلامياً بشكل لا يصدق بالنسبة لإنجازاته التجريبية والنظرية المذهلة.

المشاركات الشائعة